أولا: تمهيد الملكية الفكرية
1. تعريف الحق بشكل عام:
الاتجاه الشخصي: الحق: سلطة إدارية تثبت لصاحب الحق.
الاتجاه الموضوعي: الحق: مصلحة يحميها القانون.
الاتجاه المختلط: الحق: سلطة إدارية يحميها القانون.
2. أنواع الحقوق:
أ- الحقوق العينية: سلطة مباشرة على شيء معين يعطيها القانون لشخص معين.
الحقوق العينية قسمان:
حقوق عينية أصلية/ كالملكية.
حقوق عينية تبعية/ كالرهن.
ب- الحقوق الشخصية: رابطة قانونية بين دائن ومدين يطالب بمقتضاها الدائن بنقل، حق عيني، أو القيام بعمل، أو الامتناع عن عمل.
مصادر الحق الشخصي: (العقد/ التصرف الانفرادي/ المسؤولية عن الفعل الضار/ المسؤولية عن الفعل النافع/ القانون)
ج- الحقوق المعنوية: تجمع بين الحق العيني من جهة وبين الحق الشخصي من جهة أخرى، ويمكن الاستعاضة عن كلمة الحق بكلمة الملكية لتصبح الملكية المعنوية.
الملكية المعنوية: هي التي ترد على أشياء وقيم غير مادية هي نتاج العقل والذهن والإبداع والتفكير وهذه الأشياء بدورها متعددة ومتنوعة إلا أنه يمكن حصرها في ثلاث مجموعات:
1. الملكية الأدبية أو الفنية: هي مجموعة الأفكار والآراء وجميع صور الإبداع الفكري أو العقلي. / مجال دراستها القوانين الخاصة بها والقانون المدني/
2. الملكية التجارية: مجموعة العناصر المادية والمعنوية المخصصة لممارسة مهنة تجارية ( كالمتجر/ الأسهم/ العلامة التجارية/ السندات التجارية) / مجال دراستها القوانين الخاصة بها والقانون التجاري/
3. الملكية الصناعية: مجموعة الرسوم والنماذج الصناعية وبراءات الاختراع وامتيازات الاختراع. / مجال دراستها القوانين الخاصة بها كقانون امتيازات الاختراع/
هذه الأشياء على الرغم من تعددها إلا أنها تجتمع بأنها حقوق من إنتاج العقل والفكر والإبداع لذا اصطلح على تسميتها ( بالملكية الفكرية).
• تعريف الملكية الفكرية:
"هي سلطة مباشرة يعطيها القانون للشخص على كافة منتجات عقله وتفكيره وتمنحه مكنة الاستئثار والانتفاع بما تدر عليه هذه الأفكار من مردود مالي، للمدة المحددة قانونا دون منازعة أو اعتراض أحد."
"الملكية الفكرية بوجه عام، هي القواعد القانونية المقررة لحماية الإبداع الفكري المفرغ ضمن مصنفات مدركة (الملكية الفنية والأدبية) أو حماية العناصر المعنوية للمشاريع الصناعية والتجارية (الملكية الصناعية) وهي تنقسم بوجه عام أيضا إلى طائفتين:-
• الملكية الفنية أو الأدبية ( حق المؤلف والحقوق المجاورة )
• الملكية الصناعية ( ويشار إليها في بعض المراجع بالملكية الصناعية والتجارية )".
ثانياً: ماهية الملكية الفكرية
1. تاريخ الملكية الفكري:
الفطرة الإنسانية تدعو لحب التملك وتحث على ذلك لذا لا بد أن الملكية الفكرية عُرفت بشكل مبدئي منذ الأزل:
عرف التاريخ القديم بعض أنواع السرقات الأدبية حيث أن الشعراء العرب كانوا يتعرضون لبعض السرقات الشعرية من المستحدثين في الشعر وذلك لنيل العطايا من الملوك والسلاطين، مما كان يدعو الشعراء الأصليين للغضب ومقاضاة السارق.
عرف العرب قديما ما يسمى بجريمة الانتحال الأدبي وكان المتنبي قد صاغ في شعره حقوق المؤلف المادية عندما قال مخاطبا سيف الدولة:
اجزني إذا أنـشـدت فإنما بشعري أتاك المادحون مرددا ؟
كبار النقاد كالجرجاني و العسكري وابن رشيق وابن أثير خصصوا في مؤلفاتهم أبوبا للسرقات الشعرية
كان من النقاد العرب من يتشدد في موضوع السرقة الأدبية كالعميدي 433هـ في كتابه الإنابة الذي عاب على كثير من كبار الشعراء كالمتنبي لمجرد تأثرهم أو استحيائهم لمعنى متداول من قبل، وقد قال العميدي معلقا على القصيدة الميمية للمتنبي بأنها تحتوي على أبيات مسروقة من الكميت بن يزد الكوفي وأضاف: "هذه والله سرقة توجب على سائر مذاهب الشعر قطع اللسان فضلا عن اليد".
وكان من النقاد من هو معتدل كالعسكري في كتابه الصناعتين حين قال:" ليس لأحد من أصناف القائلين غنى عن تناول المعني ممن تقدمهم والصب في قوالب من سبقهم، ولكن عليهم إذا أخذوا أن يكسوها ألفاظا من عندهم... ويوردوها في غير حلتها الأولى.
جعل النقاد العرب الأخذ من الغير أنواعا أسوئه النسخ وهنالك السلخ والمسخ والاصطراف والاجتذاب والانتحال والاهدام والإغارة والمرافدة والاستحقاق.
عرفت الدولة الإسلامية صورا من تطبيقات شراء الحقوق المادية للمؤلف حيث كانت تطلب من المؤلفين الكتابة في موضوع معين ويكون دورهم هنا التأليف فقط دون أي حقوق أخرى التي تنتقل إلى الدولة
كما كانت الدولة بحماية الإبداع الفكري من خلال الاتفاق مع المؤلف على شراء إبداعاته لتخصصها للنفع العام مع عدم مساسها بحقوق المؤلف الخاصة لذا يمكن القول أن أساس حماية الملكية الفكرية وتطوره هو أساس عربي إسلامي بالدرجة الأولى بدأ مع نشوء قواعد الجرح والتعديل في زمن الصحابة الراشدين لتوثيق الأحاديث النبوية الشريفة.
في عام 1988 قرر مجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن حقوق التأليف مصونة شرعا ولأصحابها حق التصرف فيها ولا يجوز الاعتداء عليها.
في أوروبا التي كانت تغط بالظلام في عهد الحضارة الإسلامية بدأت نواة قانون حماية المؤلف بشكل مثير للسخرية حيث إن الدافع كان إحكام يد السلطة على المؤلفات والمنشورات.
بعد الثورة الفرنسية الصناعية بدأ الاهتمام بشكل واضح بالملكية الفكرية حيث أن التطور الاقتصادي والتكنولوجي فرض وجود تشريع خاص بالملكية الفكرية.
بعد فرنسا امتد الاهتمام لإنجلترا 1810 ثم أمريكا 1831 وكانت أول جمعية دولية تعنى بحق المؤلف هي الجمعية الأدبية والفنية 1878 في باريس وبعد ذلك توالت المؤتمرات إلى أن تقدمت اليونسكو سنة 1952 بتنظيم مؤتمر عالمي لحماية مفردات الملكية الفكرية.
2. طبيعة الملكية الفكرية
طبيعة الملكية الفكرية طبيعة مزدوجة، كما تم توضيح ذلك سابقا فهي تجمع بين الحق الشخصي من جهة والحق المعنوي من جهة لإنتاج ما يعرف بالحق المعنوي الذي اصطلح على تسميته بالملكية الفكرية.
ازدواجية الملكية الفكرية تجعلها تنطوي على شقين من الحقوق:
أ- حق مادي: ويجعل لصاحب الحق سلطة مباشرة على الشيء الواردة عليه الملكية فيكون له حق التصرف القانوني به.
ب- حق معنوي: يعطي صاحب الحق ربط إبداعه الفكري بشخصه كما يوفر الحماية القانونية لإبداعه فيحول دون منازعة أو اعتراض أحد، كما يعطي الحق المعنوي لصاحبه مكنة أن ينسب إليه إنتاجه الذهني باعتبار أن باعتباره امتدادا لشخصيته.