القانون الواجب التطبيق على موقع المال في القانون الجزائري
الخطة
المقدمة.
المبحث الأول: قاعدة قانون موقع المال.
المطلب الأول: نشأة قاعدة قانون موقع المال.
المطلب الثاني: مبررات قاعدة قانون موقع المال.
المبحث الثاني: القانون الواجب التطبيق على المال المادي.
المطلب الأول: القانون الذي يحكم العقار.
المطلب الثاني: القانون الذي يحكم المنقول المادي.
المطلب الثالث: نطاق تطبيق قانون موقع المال المادي.
المبحث الثالث: القانون الواجب التطبيق على المال المعنوي.
المطلب الأول: تعريف المال المعنوي.
المطلب الثاني: القانون الذي يحكم المنقول المعنوي.
الخاتمة.
المقدمة
الأموال العينية هي كل ما يتعلق بالمسائل القانونية المنظمة للمال سواء كان ماديا كما هو الحال بالنسبة للعقارات والمنقولات أو كان معنويا مثل حق المؤلف وبراءة الاختراع.
وإذا كان ضابط الإسناد في الأحوال الشخصية يستمد من أطراف العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي باعتبار أن الأشخاص هم العنصر الغالب من ثم خضوعها إلى قانون الجنسية أو قانون الموطن بحسب اختلاف التشريعات من دولة إلى أخرى، فإن ضابط إسناد في الأحوال العينية يختلف عنه حيث يستند من موضوع العلاقة القانونية على أساس أن موضوع العلاقة محل النزاع هو المال وهو العنصر الذي له ثقل و أهمية كبرى من حيث الوزن بالنسبة إلى الأطراف.
ولذلك جرى العمل منذ القديم على إخضاع العلاقات القانونية ذلت العنصر الأجنبي المنصبة على المال و خاصة منها المادية إلى قانون موقعها...
فعلى أي أساس ثم إخضاعها له و هل هذه القاعدة عامة على المال؟
• المبحث الأول: قاعدة قانون موقع المال.
المطلب الأول: نشأة قاعدة قانون موقع المال.
لا تعتبر قاعدة قانون موقع المال حديثة بل تعود إلى القرون الوسطى و قد تطورت عبر مراحل متعددة ساهم فيها الفقه مساهمة في غاية الأهمية إلى أن وصلت إلى ما هي عليه في الوقت الحالي وذلك على النحو التالي :
1.بدأت معالمها في الظهور في عهد المدرسة الايطالية القديمة في القرن 13 حيث قال الفقيه "بار تول " بأن العقار المراد البناء فوقه أو تعليته يخضع إلى قانون موقعه .
2.وقد أكد هذه القاعدة الفقيه الفرنسي " دار جنتيه " المعروف بنزعته الإقليمية و هذا في القرن 16 حيث أخضع كل ما يتعلق بالعقار من أهلية تعاقد بشأن العقار وشكل العقد وشروطه الموضوعية إلى قانون موقعه.
3.وعلى الرغم من أنه كان ينادي بمبدأ شخصية القوانين إلا أن الفقيه الايطالي »مانشيني« في القرن 19 استثنى هذا المبدأ المال و أخضعه إلى قانون موقعه و ذلك على أساس أن ذلك من النظام العام.
4.وتعتبر نظرية التركيز المكاني التي نادى بها الفقيه الألماني سافيني أهم نظرية أكدت قاعدة خضوع المال لقانون موقعه، حيث تهدف هذه النظرية إلى إخضاع العقار إلى قانون موقعه لأن مصالح الشخص تتركز عادة في المكان الذي توجد فيه أمواله و من ثم فإن أقرب القوانين إلى أموال الشخص هو قانون موقعها.
ولا توجد خاليا دولة لا تأخذ بهذه القاعدة،ولعل ذلك هو ما دفع بالبعض من الفقيه إلى حد القول بوجود عرف دولي يلزم الدول بالأخذ بها.
المطلب الثاني: مبررات قاعدة قانون موقع المال
لقد استند الفقه في إخضاع المال لقانون موقعه لعدة مبررات لا يمكن حصرها في نطاق ضيق إلا أنه يسوغ لنا ذكر أهمها:
1- استقرار المعاملات:
" تتطلب سلامة المعاملات إخضاع المال لقانون موقعه إذ أنه من السهل الرجوع إليه للتحقق من وجود الحق العيني لدى المتصرف فيه كما أنه يسهل على كل من يهمه الأمر التعرف على حال المال إذا كان عقارا وذلك بالاطلاع بسهولة على الالتزامات المترتبة عليه في مكان وجوده ". مما يجعل المعاملات في استقرار بين المعاملين.
2- حماية الغير:
من مبررات خضوع المال لقانون موقعه أنه يحقق الحماية القانونية للغير و ذلك من حيث تبسيط الإجراءات كإجراءات الشهر الواجبة في التصرفات الواردة على العقار كما أنه يعتبر قانون المال القانون الذي يفكر فيه بصفة طبيعية الأطراف المعينة.
3- التركيز المكاني:
وقد برر بعد الفقه إخضاع المال لقانون موقعه على أساس أنه عاد تماما تكون مصالح الشخص مركزة حيث يوجد موضوع الحق المكتسب فقانون الموقع هو بالتالي الأنسب لحكمه.
4- سيادة الدولة:
" برر بعض الفقهاء قاعدة قانون موقع المال بحجة سياسية مفادها أن العقار يعتبر جزء من إقليم الدولة الذي يقع فيه و لما كان الإقليم وعاء لسيادة الدولة فإنه من غير المعقول أن يخضع جزء من إقليمها إلى قانون غير قانونها، ومن ثمة وجب خضوع المال لقانون موقعه لأن المسألة تتعلق بسيادة الدولة " .
5- الاختصاص القضائي:
وهناك من الفقه من ذهب إلى تبرير إخضاع المال لقانون موقعه على أساس الاختصاص القضائي ذلك أن المحاكم المختصة بالنظر في المنازعات المتعلقة بالعقار أو المنقول كذلك حالة التنفيذ عليه تكون عادة هي محاكم الدول التي يوجد بها هذا المال.
*المبحث الثاني: القانون الواجب التطبيق على المال المادي.
لقد أصبحت قاعدة خضوع المال إلى قانون موقعه مستقرة فقها و قضاء ومنصوصا عليها في معظم التشريعات و من بينها القانون اليمني في مادته 28 لعام 1979 والقانون المصري في مادته 18، و القانون الليبي في مادته 19، و القانون السوري في مادته 19، والقانون العراقي في مادته 24، و القانون الجزائري في مادته 17.
و يشمل المال المادي كل من العقار و المنقول المادي و سنتطرق لكل واحد منهما في مطلب منفصل.
المطلب الأول: القانون الذي يحكم العقار.
لا توجد صعوبة في تحديد القانون الذي يطبق على العقارات لأنها ثابتة في مكانها إذ يسهل التعرف عليها و على القانون الذي يحكمها عملا بالقاعدة السالفة الذكر التي تقضي بضرورة خضوع المال إلى قانون موقعه .
وقد نصت المادة 17 من القانون المدني الجزائري في فقرتها الثانية على يسري على الحيازة والملكية و الحقوق العينية الأخرى قانون موقع العقار... (وعليه فالمشرع الجزائري وعلى غرار الكثير من التشريعات أخذ بقاعدة خضوع المال لقانون موقعه.
وبالرغم من أنه لا توجد صعوبة في تحديد موقع العقار لأنه حسب التعريف الذي أعطاه له المشرع الجزائري في المادة 683 من القانون المدني بأنه ) كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار ...( ومع ذلك فقد تثار بعض الصعوبات بشأنه مثال كأن يكون عقار واقع على حدود دولتين جزء منه في دولة والجزء الآخر في دولة أخرى، في هذه الحالة ذهب الفقه إلى إخضاع كل جزء منه لقانون الدولة التي يقع فيها.
ولكن إذا وجدت اتفاقية بين الدولة فإنه يؤخذ بهذه الاتفاقية.
وكذلك في حالة وجود حق ارتفاق بينهما فإن قانون دولة العقار الخادم هو الذي يعمل به وليس قانون دولة العقار المخدوم وذلك لأن العقار الخادم هو المثقل بالارتفاق.
المطلب الثاني: القانون الذي يحكم المنقول المادي.
لقد نص المشرع الجزائري على الأموال المادية في الكتاب الثالث المتعلق بالحقوق العينية الأصلية بما فيها العقار و المنقول في القسم الثاني منه تحت عنوان تقسيم الأشياء و الأموال و عرفها على النحو التالي:
حسب نص م 683 من القانون المدني الجزائري» كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار، و كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول... « فمن خلال نص المادة يمكننا أن نستخلص تعريفا للمنقول المادي و " هو كل شيء قابل للنقل من مكانه دون أن يتلف و له كيان خارجي " .
فلقد أخضع المشرع الجزائري المنقول المادي لقانون موقعه طبقا لما جاءت به م 17 من القانون 05 / 10 المعدل و المتمم للأمر75/58 الذي يتضمن القانون المدني الجزائري بقولها » ...و يسري على المنقول المادي قانون الجهة التي يوجد فيها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى، أو فقدها «
" و رغم بساطة هذا الحال إلا أنه يحمل في طياته صعوبات عملية لتحديد القانون الواجب التطبيق على المنقول "
إلا أن هذه الصعوبة لا تثور إلا في بعض المنقولات التي يصعب أمر تحديد موقعها كما انه يشكل إنتقال المنقول المادي من مكان لآخر الظاهرة المعروفة بالتنازع المتحرك.
الفرع الأول: صعوبة تحديد موقع المال.
1-السفن والطائرات والقانون الذي يحكمها:
تعود صعوبة تحديد موقع السفن و الطائرات إلى الحركة التي تتمتع بها كل منهما إذ أن كلاهما غالبا ما تكون في مناطق لا تخضع لسيادة الدولة كما هو الحال في أعالي البحار و أجوائها التي ليست للدول سلطة و سيادة عليها مما يجعل تحديد موقعها صعبا و من ثم يصعب تحديد القانون الواجب التطبيق عليها << و رغم ذلك فإن الرأي الراجح فقها و قضاء يخضع السفينة لقانون العلم الذي تحمله و كذلك الطائرات و يقصد بقانون العلم أي قانون الدولة التي سجلت أو قيدت فيها و بالتالي فأن الاعتداء هنا ليس بمكان وجودها الفعلي بل بمكان وجودها القانوني >> .
وتجدر الملاحظة أن هذا الحكم يشمل السفن التي تمارس الملاحة البحرية و السفن التي تمارس الملاحة النهرية الدولية أي تخضع إلى قانون العلم هي الأخرى، في حين أن السفن التي تمارس الملاحة النهرية الداخلية تخضع إلى قانون الدولة التي تمارس الملاحة في أنهارها >>
2-القطارات و عربات السكك الحديدية :
<< بالنسبة للسكك الحديدية الدولية، الراجح أن تنظم بأحكام اتفاقية دولية فيما يخص إنشائها و تنظيم النقل عليها و لكن غالبا ما يتفق في الاتفاقيات على إسنادها لقانون الدولة التي توجد فيها و يطبق على السيارات قانون موقعها الفعلي >> على غرار القطارات و عربات السكك الحديدية.
<< و هناك رأي فقهي ذهب سواء بالنسبة إلى القطارات أوالعربات أو السيارات إلى الأخذ بقانون الدولة التي تم فيها تسجيلها و ذلك على غرار ما عرفناه بالنسبة للسفن و الطائرات >> .
3-البضائع:
لقد ترتب على حركتها عدم الأخذ في شأنها بقاعدة قانون موقع المال مما جعل الفقه يختلف في شأن القانون الواجب التطبيق وذلك على النحو التالي:
أ-القانون الشخصي:
ذهب فريق من الفقه إلى أن القانون الشخصي لمالك البضائع هو الواجب التطبيق.
ب- قانون العلم:
وذهب نفر الفقه إلى أن قانون العلم الذي يحكم وسيلة النقل نفسها هو الواجب التطبيق على البضائع المتواجدة على متنها.
ت-قانون الدولة التي تتجه إليها البضاعة:
يرى جانب من الفقه أن البضائع إذا كانت منقولة برا فإنها تخضع لقانون الدولة التي تتوجه إليها (قانون الدولة المصدرة إليها البضاعة ( .
" وذلك على أساس أنها هي التي سوف تسافر بها أما بقية الدول التي تمر بها فلا صلة لها بالعقود التي قد تجري فوق إقليمها" .
- الفرع الثاني: التنازع المتحرك.
تثور الصعوبة في انتقال المال من دولة لأخرى – عندما تتحقق الحيازة أو أي سبب من أسباب كسب الحقوق العينية على المنقول في ظل قانون قديم يعترف بها ثم تنتقل إلى قانون جديد لا تعترف بهذه الحقوق فماهو القانون الذي يطبق ؟.
1- تطبيق الأثر المباشر أو الفوري:
يتضح من خلال ما جاء به هذا الاتجاه أنه قد أخذ بتنازع القوانين من حيث الزمان التي تقضي بتطبيق القانون الجديد تطبيقا فوريا و من أمثلة ذلك:
أ-في مجال قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية :
فلو فرضنا وجود منقولا في دولة لا تعترف بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز ثم نقل من طرف حائزه إلى دولة يقر قانونها بالقاعدة فبالتطبيق المباشر ) الفوري ( للقانون الجديد يعد الحائز مالكا.
ب- في مجال قاعدة تسليم المنقول:
لو فرضنا أن المنقول موجود في دولة تشترط تسليم المنقول في عقد البيع لكي تنتقل الملكية إلى المشتري كما هي الحال في القانون السويسري و قد تم شراء هذا المنقول في سويسرا دون القيام بالتسليم ثم نقل إلى دولة لا تشترط التسليم في عقد البيع كفرنسا و الجزائر ومعظم الدول العربية فتطبيقا للتطبيق الفوري يعد المشتري مالكا للمنقول.
ت- في مجال رهن حيازة المنقول إذ يولي الدائن الحق في تملك المرهون:
لو فرضنا وجود رهن حيازي على منقول في دولة تجيز للدائن تملك المنقول إذا لم يفي المدين بالدين المضمون كما هي الحال في التشريع الهولندي ثم نقل هذا المنقول إلى دولة أخرى ما يعترف قانونها الدائن المرتهن بحق تملك المنقول المرهون حيازيا إنما يجوز له فقط اللجوء إلى التنفيذ الجبري كما هي الحال في الجزائر فتطبيقا لقاعدة التطبيق الفوري للقانون ليس لهذا الدائن المرتهن أن يمتلك المنقول بل له حق التنفيذ الجبري فقط .
•فلقد انتقد هذا الاتجاه من حيث أن الأخذ بالتطبيق الفوري بالقانون الجديد يؤدي إلى إهدار للحقوق إضافة إلى عدم استقرار المعاملات.
2- نفاد الحق المكتسب:
يرى جانب من الفقه أنه في حالة تنقل المنقول من دولة إلى أخرى بمعنى من ظل قانون قديم إلى ظل قانون جديد حيث ذهب إلى القول باحترام الحقوق المكتسبة في ظل القانون القديم الذي نشأت فيه تلك الحقوق المكتسبة إلا أنهم اشترطوا مجموعة من الشروط لتطبيق هذا الضابط.
1.أن تكون قد تم اكتسابها اكتسابا صحيحا .
2. أن عناصر الحق جميعا قد تم تكوينها في ظل القانون القديم.
3. أن لا ينشأ حق مضاد لها في القانون الجديد .
4. أن لا تكون مخالفة للنظام العام في دولة القانون الجديد.
-مثال ذلك في مجال تسليم المنقول:
فلو فرضنا أن المنقول قد نقل من دولة تعمل قاعدة تملك المنقول بمجرد العقد كما هو الحال في القانون الجزائري إلى دولة أخرى تشترط التسليم لانتقال الملكية فالمشتري هنا يبقى مالكا في ظل القانون الجديد لأن حقه التملك قد نشأ في ظل القانون القديم و يجب احترام الحق المكتسب.
3- موقف المشرع الجزائري:
<< يبدو من خلال مضمون المادة17 ق م ج و صياغتها على وجه الخصوص أن المشروع الجزائري قد حرص على ضرورة الاحترام الدولي للنفاد الحقوق المكتسبة و ذلك من خلال إعطائه للإختصاص التشريعي إلى قانون الجهة التي يوجد فيها المنقول عند تحقق السبب الذي أدى إلى حيازته أو ملكيته أو الحقوق العينية الأخرى المترتبة عليه و من ثمة فالعبرة في القانون الجزائري ليست بقانون المكان الذي أنتقل إليه المنقول بل العبرة بقانون المكان الذي تحقق فيه بسبب الحيازة أو التملك أو ترتيب الحقوق العينية الأخرى مما يجعلها نعتقد بأن القانون الجزائري قد فضل تطبيق مبدأ الحقوق الدولية و نفاذها عن مبدأ التطبيق المباشر و الفوري الجديد>> .
المطلب الثالث:نطاق تطبيق قانون موقع المال.
الفرع الأول: الحالات التي تدخل في نطاق تطبيق قانون موقع المال.
يشمل تطبيق قانون موقع المال مايلي:
1- تحديد الأشياء التي يمكن أن ترد عليها حقوق و تدخل في دائرة أموال التي يجوز فيها التعامل وتلك التي لا يجوز التعامل فيها.
2- تكييف المال وذلك بإعطاء الوصف القانوني لهذا المال وهذا بأن تعتبر هذه الأموال من العقارات أو المنقولات وهو ما أورده المشرع الجزائري في المادة 17/1 من القانون المدني وهذا في التعديل الجديد و التي تنص على ) يخضع تكييف المال سواء كان عقارا أو منقولا إلى قانون الدولة التي يوجد فيها (.
3- تحديد أحكام الحيازة من حيث أسباب كسبها و انتقالها و زوالها و الوسائل المختصة لحمايتها،وما ترتبها من آثار قانونية ككسب الحقوق و إسقاطها و مدى قوة الحيازة كقرينة على الحق و كل ما يتعلق بالحيازة في جانبها القانوني و النظامي.
4- تحديد النظام الذي يحكم الملكية و مدى سلطات المالك و ما يتمتع به من صلاحيات وما هي القيود الواردة على هذه السلطات.
5- تحديد أنواع الحقوق العينية التي يمكن أن تترتب على المال سواء كان عقارا أو منقولا، وهل هذه الحقوق واردة على سبيل الحصر أو المثال.
6- تحديد الحقوق العينية الأصلية و التي تشمل حق الملكية والانتفاع والاستعمال والسكن والارتفاق و حق استعمال الأراضي التي تمنحها الدولة وهذا في التشريع الجزائري.
7- تحديد الحقوق العينية التبعية و هي تشمل حسب التشريع الجزائري: الرهن الرسمي، الرهن الحيازي، حق التخصص، حق الامتياز و تجب الإشارة إلى أن حق الامتياز إذا كان واردا على مال معين للمدين فإن الفقه مختلف في شأنه و الرأي الراجح هو خضوعه إلى قانون موقع المال، أما إذا واردا على الذمة المالية للمدين فإن القانون الذي يحكمه إلى جانب قانون موقع المال هو القانون الذي يحكم الذين في حد ذاته.
و بالنسبة إلى قانون الذي يحكم الرهن القانوني الذي تعرفه الأنظمة القانونية الغربية لصالح الزوجة على أموال زوجها فإنه يخضع إلى كل من القانون الذي يحكم آثار الزواج و قانون موقع المال.
8- تحديد طرق كسب الملكية و تشمل كل من الشفعة، الوصية، العقد، الحيازة، التقادم المكسب و الميراث (وهذا حسب التشريع الجزائري ( .
9- قانون موقع العقار هو الذي يحكم العقود الواردة على العقار و هذا بحسب ما نصت عليه المادة 18/4 من القانون المدني الجزائري بحيث نصت على: ) ...غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه (.
* غير أنه يستثنى من ذلك الحقوق الشخصية التي تترتب بموجب عقد وارد على عقار مثل حق الإيجار حيث تظل خاضعة لقانون الإرادة، وهذا يميل الفقه المصري إلى إسناد الحقوق الشخصية الواردة على عقد إيجار العقار لقانون موقعه لأن حق المستأجر قد تشترط في شهره إذا تجاوزت مدته حدا معينا بعض الأوضاع الخاصة بالحقوق العينية.
وفي القانون الجزائري و لو أن عقد الإيجار من عقود الإدارة و يرتب حقا شخصيا و ليس حقا عينيا إلا أن المشرع أوجب تسجيله إذا تجاوزت مدة الإيجار 12 سنة و رتب على ذلك بعض آثار التسجيل في الحقوق العينية التبعية ) المادة 17 من الأمر 75/4 المؤرخ في 12/11/1975 المتعلق بإعداد مسح الأراضي وتأسيس السجل العقاري (.
و لكن بالرغم من هذه الأحكام الواضحة فإننا نعتقد أن الإيجار المشتهر لا تتحول طبيعته القانونية من حق شخصي إلى حق عيني، و إنما الغرض من ذلك هو الاحتجاج بعقد الإيجار في مواجهة الغير كمشتري العقار المؤجر و الدائن المرتهن.
الفرع الثاني: الحالات التي تخرج من نطاق قانون موقع المال.
هناك حالات تخرج من نطاق تطبيق هذه القاعدة على الرغم من أنها هناك حالات تخرج من نطاق تطبيق هذه القاعدة على الرغم من أنها تعتبر منطرق كسب الملكية و هي مستثناة بنص القانون كما يلي:
1- الميراث:
وهذا طبقا لنص المادة 16 ق.م.حيث أخضع المشرع الميراث من الأحوال الشخصية و أخضعه إلى قانون جنسية الهالك وقت الوفاة، و عليه فإنه لا يطبق عليه قانون موقع العقار و إن تعلق بعقار إلا من خيث شهره فهو يخضع لقانون موقع العقار.
2- الوصية:
وهذا طبقا لنص المادة 16 ق.م.ج حيث تخضع لقانون جنسية الموصي و بالتالي تعتبر من الأحوال الشخصية فيما عدا شهرها الذي يخضع لقانون موقع العقار.
3- الأهلية:
حسب نص المادة 10 ق.م.ج.
4- شكل العقود:
وهذا حسب نص المادة 19 ق.م.ج حيث تخضع لقانون المكان الذي تمت فيه.
المبحث الثالث: القانون الواجب التطبيق على المنقول المعنوي.
لم ينص المشرع الجزائري على القانون الواجب التطبيق على المنقول المعنوي بصفة محددة في القانون القديم ) قبل التعديل ( حيث كانت تنص المادة 17 ق.م.ج على ) ....و سري بالنسبة للمنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب ...(، حيث أنه لم يحدد طبيعة المنقول الذي تحكمه هذه المادة هل المنقول المادي أو المعنوي أو كليهما، و هو الأمر الذي تداركه المشرع بعد تعديل القانون المدني بموجب القانون رقم 05 – 10 المؤرخ في 20 يونيو2005 حيث خص المنقول المعنوي يحكم خاص بموجب المادة 17 مكرر.
المطلب الأول: تعريف المنقول المعنوي.
المنقول المعنوي هوعبارة عن أشياء غير ملموسة و لا تقع تحت الحس البشري و لكنها تصلح لأن تكون محلا للحق.
وتشمل الحقوق التي ترد على الأموال المعنوية على نحو المشار إليه مما يسمى بالملكية الأدبية والصناعية و الفنية أو كما يسميها البعض بالحقوق الذهنية كما هي الحال بالنسبة إلى حق المؤلف، ويشمل أيضا مفهوم المال المعنوي ما يترتب على الحقوق الشخصية من ديون باعتبارها أموالا معنوية صالحة للتعامل فيها عن طريق ما يسمى بالحوالة.
المطلب الثاني: القانون الذي يحكم المال المعنوي.
بعد صدور الأمر 75/58 المتضمن للقانون المدني الجزائري اتضح من خلاله أن المشرع الجزائري لم يشير إلى ضابط إسناد خاص بالأموال المعنوية و إنما اقتصر على تنظيم المنقولات المادية فحسب مما اعتبر ذلك فراغا تشريعيا أدى إلى تطبيق الآراء الفقهية و الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأموال المعنوية.
إلا أن المشرع قد تدارك هذا النقص و سده باصدار القانون 05 / 10 الذي تضمنت المادة 17 مكرر و التي تنص << يسري على الأموال المعنوية قانون محل وجودها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها....>> فمن خلال المادة يتضح أن المشرع قد أخضعها إلى نفس ضابط الإسناد الذي أخضع له الأموال المادية، كما أن المشرع عمل على وضع معايير أخرى بواسطتها يسهل عملية تحديد محل وجود تلك الأموال المعنوية و ذلك على النحو التالي:
أ-الملكية الأدبية و الفنية (م 17 مكرر/2 ( :
فإن محل وجود هذه الأموال المعنوية سواء كانت أدبية أو فنية هو مكان نشرها الأول أو إنجازها وبالتالي العبرة بأول نشر أو إنجاز.
ب-براءة الاختراع (م 17 مكرر/3 (:
فمحل وجود البراءة هو بالبلد الذي اعترف للمخترع بحقه في براءة الاختراع و منحها له وفقا لقوانين هذا البلد.
ت-الرسم و النموذج الصناعيين (م 17 مكرر/4 (:
فيحدد محل وجودها بالبلد الذي ثم فيه تسجيل أو إيداع الرسم أو النموذج ومن ثم فإن قانون هذا البلد هو الذي يطبق.
ث-العلامات التجارية )م 17 مكرر/5 (:
لقد حددت هذه الفقرة الضابط الخص بمحل تواجد العلامات التجارية الذي هو منشأة الاستغلال أي أنها موجودة في المكان الذي توجد فيه هذه المنشأة التي تستغل العلامة التجارية.
ج-الاسم التجاري )م 17 مكرر/6 (:
حدد محل وجود الاسم التجاري بالمكان الذي يوجد فيه المقر الرئيسي لمحل التجاري و بالتالي في خالة التعدد لاستعمال الاسم التجاري فالعبرة بقانون البلد الذي يوجد فيه مقره الرئيسي.
الخاتمة
على خلاف التشريعات الأخرى فلقد انفرد المشرع الكويتي عن المشرعين العرب و على نظرائه في
دول أخرى حيث خص المنقولات المعنوية بتنظيم مفصل تضمنه القانون رقم 05 لسنة 1961 م والمتعلق بتنظيم العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي حيث جاء بما يلي:
• يسري على انتقال الدين في ذاته قانون موطن المدين.
• يسري على انتقال الأسهم والسندات الاسمية و الإذنية القانون الذي تخضع له الهيئة التي أصدرتها.
• يسري على انتقال السفتجة و السند لإذني و الشيك قانون بلد الوفاء.
• يسري على انتقال الصكوك لحاملها قانون موقعها وقت تحقق السبب الناقل للحق الثابت بها .و لذلك قد يكون على المشرع الجزائري أن يراعي اهتماما أكبر بمجال المنقولات المعنوية وذلك لما تستدعيه استقرار للمعاملات و تأصيل الحلول خاصة في تنازع القوانين.