النظرية العامة للتنفيذ
المبحث الأول: مفهوم التنفيذ :
لغة : تحقيق الشيء وإخراجه من حيز الفكر إلى حيز التطبيق والواقع. اصطلاحا له معنيين موضوعي والآخر إجرائي.
المعنى الموضوعي هو الوفاء بالالتزام والوفاء إما يكون اختياريا أو يكون قهريا ذلك أن بعض الفقه يميز في رابطة الالتزام بين عنصري المديونية والمسؤولية فيكون الوفاء اختياريا عندما يستجيب المدين لعنصر المديونية في الالتزام. أما إذا امتنع المدين عن التنفيذ كأن يتأخر عن الوفاء بالالتزام فلا مفر من إدراج عنصر المسؤولية في الالتزام ومن ثم يلجأ إلى التنفيذ الجبري عليه من خلال لجوء الدائن إلى السلطة العامة لمطالبتها باقتضاء حقه، ومن ثم هناك بعض الفقه من يستعمل لفظ الوفاء للدلالة على التنفيذ الاختياري ولفظ الاقتضاء للدلالة على التنفيذ الجبري أو القهري، ولا يثير التنفيذ الاختياري أية مشكلة إجرائية، إلا في حالة واحدة وهي عندما يرفض الدائن ما يعرضه عليه المدين، ففي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما وجب عليه أداؤه عرضا فعليا بأن يودعه بقلم كتاب المحكمة ثم يطلب من هذه الأخيرة بأن تقضي له بصحة العرض إبراء لذمته المادة 420 قاإم جزائري، لذلك فمحور الدراسة سينصب على التنفيذ الجبري وهو المعنى الإجرائي للتنفيذ.
v التنفيذ الإجرائي أو الجبري : يقصد به مجموعة الإجراءات اللازم اتخاذها لتنفيذ السند عن طريق القوة عند رفض المدين التنفيذ الاختياري.
والقاعدة الأساسية للتنفيذ الإجرائي أو الجبري هي أن لا يجوز للشخص أن يقتضي حقه بنفسه بل يجب اللجوء إلى السلطة العامة لأن في ذلك حماية لحقوق الدائن والمدين والغير الذي قد يحتمل المساس بالمال الذي بين يديه لو ترك الأمر بيد الدائن لينفذ كيفما يشاء.
التنفيذ الجبري قد يكون عينيا وقد يكون بمقابل، فيسمى الأول في الاصطلاح القانوني بالتنفيذ المباشر، بينما يسمى الثاني بالتنفيذ غير المباشر. فالتنفيذ العيني هو حصول الدائن على عين ما التزم به المدين وهو الأصل في التنفيذ فإذا استحال التنفيذ العيني كهلاك العين المطلوب تسليمها فإن هلاكها يشكل مانع مادي يستحيل معه التنفيذ العيني وفي هذه الحالة يبقى أمام المنفذ اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم بالتعويض وهو ما يسمى التنفيذ غير المباشر إلا إذا كان محل الحجز أو التنفيذ مبلغا من النقود فيكون التنفيذ مباشرا عن طريق الحجز على المال وهو في هذه الحالة مبلغ النقود.
فكلما كان محل الحق هو محل التنفيذ كنا بصدد تنفيذ عيني أو تنفيذ مباشر. أما التنفيذ غير المباشر فهو البديل الذي يحصل عليه الدائن مقابل عدم الوفاء بمحل الالتزام بعينه ومن أمثلة التنفيذ المباشر: التزام المدين بتسليم عين معينة كتسليم الشيء المبيع أو العقار فإنه يكون ملزما بتمكين الدائن من تلك العين ما دامت موجودة فإذا لم يتم التنفيذ اختياريا وجب الحجز وتسليمها إلى صاحبها وذلك بتحرير محضر لهذا الغرض وفي هذا تنص المادة 338 فقرة 01 قاإم جزائري: ( إذا كان المدين ملزم بتسليم شيء منقول أو كمية من الأشياء المنقولة أو أشياء مثلية فإن مثل هذه الأشياء تسلم إلى الدائن ).
أما التنفيذ غير المباشر فهو التنفيذ بطريق الحجز كلما كان محل الالتزام مبلغا من النقود سواء كان ذلك من الأصل كقرض محله مبلغ من النقود أو كنا بصدد تنفيذ بمقابل تحول فيه محل الالتزام إلى مبلغ من النقود يمثل المبلغ الذي حكم به القاضي كتعويض لفسخ العقد أو لهلاك العين التي تمثل محل الالتزام.
هل كل تنفيذ حجز ؟ وهل كل حجز تنفيذ ؟
إن معيار التفرقة بين التنفيذ المباشر وغير المباشر هو في محل الالتزام المطلوب تنفيذه فإن كان مبلغا من النقود كان الحجز هو مبلغا لتنفيذ الحجز على المبلغ المالي إن كان موجودا.
أما إذا كان عينا أو عملا أو امتناعا عن عمل فالأصل هو اقتضاء الحق عينا ما لم يكن هذا العمل أو الامتناع مما يحتاج إلى تدخل المدين شخصيا بحيث يكون التزامه بالتنفيذ المباشر اعتداء على شخصه وهو ما يشكل مانع أدبي يحول دون القيام بالتنفيذ المباشر، غير أن القضاء الفرنسي قد ابتدع وسيلة قانونية لمواجهة هذه الأحوال التي يكون فيها تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين شخصيا وتعرف هذه الوسيلة بالإكراه المالي وهي الحكم على المدين بمبلغ مالي عن كل يوم تأخير في أدائه لالتزامه، والغرامة بهذا المعنى ليست تعويضا فلا يراعى فيها التناسب مع الضرر وإنما يراعى كفايتها للضغط على المدين حتى يقوم بإجراء التنفيذ العيني وللقاضي أن يزيد فيها أو ينقص منها حسب أحوال المدين.
وتسمى بالغرامة التهديدية المادة 174 قام جزائري والمادة 171 قاإ جزائية جزائري وثمة أحكام لا يتصور تنفيذها بطريق الحجز كالحكم ببطلان عقد أو فسخه، ففي هذه الأمثلة يكون تنفيذها عينا باعتبار العقد موجود والتصرف على ذلك الأساس أو الحكم الذي يقضي بالإخلاء أو بالهدم أو الترميم أو إقامة بنيان معين لا يتم تنفيذه بطريق الحجز بل يتم تنفيذه مباشرة حسب مقتضيات كل حالة.
هل كل حجز تنفيذ ؟؟؟
نميز بين نوعين من الحجز: التحفظي والتنفيذي:
� الحجز التحفظي: وهو بدوره نوعان تحفظي وتحفظي استحقاقي.
1) الحجز التحفظي : وهو إجراء وقائي كحجز منقولات المدين خشية فراره أو تهربيه لهذه الأموال وهو يهدف إلى ضبط المال المحجوز ووضعه تحت يد القضاء، ومن ثم لا يشترط فيه وجود السند ولا يسبقه إعلان لهذا السند أو تكليف بالوفاء ولا يعقبه بيع لأنه ليس حجز تنفيذي.
ملاحظة : الرهن الرسمي هو رهن بإرادة الطرفين والرهن بأمر من القاضي هو رهن بالتخصيص كالعقار بالتخصيص. ولدينا حق الامتياز ويكون إما بإرادة الطرفين أو بأمر من القاضي أو بنص القانون.
حق الإرتفاق معناه مساعدة العقار المجاور بما ينقصه من مصالح وهو يخص العقار. من أمثلة حقوق الامتياز الأجور والنفقة. كل من الرهن الرسمي والرهن بالتخصيص وحق الامتياز وحق الإرتفاق هي حقوق تدخل ضمن الحقوق العينية التبعية.
2) الحجز التحفظي الإستحقاقي : هو أيضا حجز تحفظي وهو الحجز الذي يوقع مالك المنقول أو صاحب حق عيني آخر عليه خوله حق التتبع في يد من يحوزه تمهيدا لتسلمه، فليست الغاية من هذا الحجز بيع الأموال المحجوزة بل إعادة المال المنقول إلى الشخص الذي يدّعي أنّ له حق امتياز أو حق ملكية.
‚ الحجز التنفيذي : وهو وضع المال، مال المدين تحت يد القضاء تمهيدا لبيعه وليس الحجز تنفيذا بذاته ولكنه يمهد له فلا يتحقق التنفيذ إلا ببيع الأموال المحجوزة وسداد حق الدائن من ثمنها على انه قد توقف إجراءات التنفيذ إذا قام المدين بالوفاء الاختياري فينقضي الدين حينئذ ويسقط الحجز ويزول أثره. للتنفيذ بهذا المعنى مرحلتان:
مرحلة 01 : وهي الحجز والغرض منها وضع المال المطلوب التنفيذ عليه تحت يد القضاء.
مرحلة 02 : وهي بيع ذلك المال جبرا واستيفاء حق الدائن من ثمنه. وللحجز بكل أنواعه وظيفة تحفظية هي تقييد سلطة المدين على مال معين حماية لحق الحاجز، غير أن للحجز التنفيذي وظيفة أخرى تتمثل في تحديد الأموال التي ستنتزع ملكيتها وهي الوظيفة التنفيذية للحجز التنفيذي.
ملاحظـة : تتفق المذاهب الإسلامية على إباحة التنفيذ بالبيع الجبري وهي متفقة على أحكامه إذ توجب هذه المذاهب مراعاة الموازنة بين مصلحة الغرماء ومصلحة المدين في نفس الوقت، فيبدأ الحاكم أو المنفذ ببيع الأيسر فالأيسر من العروض فإن لم يكفي ثمنها بيع العقار ما عدا ما لا يستغني عنه في حياة المدين كمنزله وملابسه، غذاؤه، فراشه وأشياء من يعوله، ويجب أن يكون البيع بثمن المثل وإلا ّ لزم الفسخ وتقسم حصيلة التنفيذ بين الغرماء – الدائنين -. والقاعدة العامة في التنفيذ أن جميع الدائنين متساوين ما لم يكن هناك دائن ممتاز كأصحاب الرهن. فالأحكام الشرعية متفقة مع القانون الوضعي في خصوص البيع الجبري (أول بيع جبري تم في عهد الرسول e على أموال معاذ بن جبل ).المبحث الثاني: أركان التنفيذ
التنفيذ هو تصرف قانوني يوجد علاقة قانونية وينشئ التزامات وحقوق للطرفين مثل تلك التي تنشأ عند قيام الدعوى أو الخصومة القضائية فالتنفيذ يشكل دعوى حقيقية تدعى خصومة التنفيذ، وهي علاقة إلزامية بأمر المشرع ومصدرها القانون، فالقانون ينظم علاقات الأفراد بإنشائه للحق الموضوعي وكذلك الحق في الدعوى للمطالبة بالحق الموضوعي مما يتطلب كذلك الحق في التنفيذ الذي نحن بصدده، فما هي إذن أركان خصومة التنفيذ ؟
أركان التنفيذ 03 : أشخاص التنفيذ + موضوع أو محل التنفيذ + سبب التنفيذ.
مطلب 01 : أشخاص التنفيذ : من بين أشخاص التنفيذ لدينا:
1 .طالب التنفيذ وهو الدائن أو الحاجز
2 .من يجري التنفيذ ضده وهو المدين أو المحجوز عليه وفي بعض الأحيان يقتضي التنفيذ تدخل الغير فيصبح هذا الغير من أشخاص التنفيذ.
3 .السلطة العامة التي يتم التنفيذ تحت سلطتها.
I - طالب التنفيذ : وهو الدائن ومن بين الشروط التي يجب توافرها فيه أن يكون دائن فعلا أي أن له مصلحة في التنفيذ وان تتوافر لديه كذلك أهلية التقاضي كما يجب أن تثبت له صفة الدائن من وقت بدأ الحجز فإذا لم يكن دائنا إلا بعد الحجز فحجزه باطل بطلانا مطلقا تطبيقا للمادة 454 قاإ جزائية. وتطبيقا لنص المادة 50 قام.ج، التي تعطي للشخص المعنوي حق التقاضي فإن لهذا الأخير حق في التنفيذ.
- انتقال الحق في التنفيذ: إذ يحق لخلف الدائن أن يطلب التنفيذ كأثر من آثار انتقال الحق موضوع السند، فينتقل الحق في التنفيذ بطريق الحوالة أو الإرث أو الوصية.
كما يجوز التنفيذ بمعرفة نائب أو وكيل الدائن سواء كانت النيابة اتفاقية أو قانونية، فعند وفاة طالب التنفيذ للورثة متابعة الإجراءات التي اتخذها مورثهم بعد إعلان من يجب التنفيذ ضده بصفتهم ورثة انتقل الحق إليهم المادة 331 قاإم: ( إذا توفي من صدر الحكم لمصلحته قبل أن يباشر التنفيذ، يلزم ورثته الذين يطلبون التنفيذ بإثبات صفتهم، فإذا حصلت المنازعة في صحة هذه الصفة فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بذلك ويحيل الخصوم إلى الجهة القضائية المختصة وإنما يجوز له أن يقوم بإجراءات الحجز التحفظي لحفظ حقوق التركة ).
II - من يجري التنفيذ ضده (المدين ): وهو الشخص المحجوز عليه إذا كان التنفيذ حاصلا بتنفيذ الحجز كما يعبر عنه المدين إذا كان هو فعلا المدين الأصلي وتعلق الأمر بدين إلا أن عبارة من يجري التنفيذ ضده أوسع من حيث المفهوم لأنها تشمل الكفيل العيني وحائز العقار المرهون، فالأصل أن يتم التنفيذ على المدين ولكن يجوز استثناء التنفيذ على غير المدين كما أن هناك طائفة من المدينين لا يمكن التنفيذ عليهم أو ضدهم.
التنفيذ على غير المدين : وابرز مثال على هذه الحالة التنفيذ ضد الكفيل المادة 644 قام.ج، ويجري التنفيذ على العقار المرهون وهو في يد حائزه بمقتضى حق التتبع المقرر بيد الدائن المرتهن فإن التنفيذ يقع ضد الحائز الذي انتقلت إليه حيازة العقار المرهون مع انه ليس مدينا المادة 911 قام.ج.
§ المدينون الذين لا يمكن التنفيذ عليهم : وهم:
- الدولة والأشخاص المعنوية العامة : سواء كانت هذه الأموال المطلوب التنفيذ عليها من الممتلكات العامة أو الخاصة وذلك في التشريعات التي تفرق بين الممتلكات العامة والخاصة في الدولة كما هو الحال في القانون الفرنسي والقانون الجزائري، قانون 13/04/1990 ، في هذا الصدد تنص المادة 688 قام.ج: ( تعتبر أموال الدولة، العقارات والمنقولات التي تخصص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة أو لإدارة أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري ) . وتنص المادة 689 قام.ج: ( لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها أو تملكها بالتقادم غير أن القوانين التي تخصص هذه الأموال لإحدى المؤسسات المشار إليها في المادة 688 تحدد شرط إدارتها وعند الاقتضاء عدم التصرف فيها ).
- الدولة الأجنبية ورجال السلك الدبلوماسي : وهي الحصانة المقررة في القانون الدولي العام لعلاقة ذلك بسيادة الدولة الأجنبية ويدخل ضمن هذا العنصر ممتلكات رجال السلك الدبلوماسي غير أن هذه القاعدة قاصرة على المنقولات اللازمة لوظيفتهم الإدارية غير أن جميع ما يوجد داخل السفارة أو القنصلية تشمله الحصانة فلا يجوز التنفيذ عليهم.
§ أهلية من يجوز التنفيذ ضده : يرى بعض الشرّاح انه يشترط فيمن يقوم بالتنفيذ أهلية التصرف متى كان الغرض هو نزع ملكية المدين في بعض أمواله. غير أن القانون يستلزم في المنفذ عليه أن يكون أهلا للتصرفات لأن هذه الإجراءات تستهدف أمواله دون اعتبار لإرادته فإجراء التنفيذ الجبري على أموال المدين لا تعتبر تصرفا إراديا وبالتالي فهي لا تتوقف على إرادته وان كان من الضروري لصحة الإجراءات أن توجه إلى النائب القانوني في حالة التنفيذ على ناقص الأهلية وكل إجراء من إجراءات التنفيذ الموجه ضد ناقص الأهلية أو عديمها أو ضد الشخص المعنوي فيجب أن تتم ضد من يمثل هؤلاء وكل إجراء يتخذ ضد هذه الطائفة من غير أن يكون له ممثل فانه يكون إجراء باطل بطلانا مطلقا ولا يمكن الاحتجاج في هذه الحالات بعدم اعتراف المعني بالأمر القاصر أو عديم الأهلية لأنه ليس هناك دخل لإرادته تجاه هذه الإجراءات ذلك أن الأمر متعلق بمركز قانوني وعلى المحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها.
§ طوارئ التنفيذ المتعلقة بالمدين :
• إذا طرأ على أهلية المدين ما يمنع إتمام إجراءات التنفيذ على شخصه يجوز لطالب التنفيذ متابعة هذه الإجراءات ضد ممثله القانوني دون إبطال الإجراءات السابقة.
• في حالة الوفاة : إذا انتقلت ملكية المال المحجوز إلى الورثة ولم يكن الدائن قد بدأ في إجراءات التنفيذ فعلى هذا الأخير أن يعلم هؤلاء الورثة بسند التنفيذ (تبليغهم بسند التنفيذ) ولهؤلاء مهلة 20 يوما طبقا لنص المادة 332 قاإم: ( إذا توفي من صدر الحكم ضده قبل التنفيذ عليه يبلغ الحكم إلى ورثته ولهؤلاء مهلة عشرين يوما من تاريخ تبليغهم الحكم إلا في حالة إذا ما اتبعت أحكام المادة 86 )، يتدبرون أمرهم فيها فيمنع على المنفذ خلال هذه الفترة القيام بأي إجراء من إجراءات التنفيذ. والحكمة من ذلك هي إعطاء فرصة للورثة لجمع المال اللازم أو على الأقل تقدير ما ينبغي عمله بشأن التنفيذ أما إذا توفي المدين بعد البدء في التنفيذ ففي هذه الحالة يباشر المنفذ الإجراءات اللازمة على تركة المدين المتوفى إلا أن هذه الإجراءات تتم ضد ورثته.
• صدور حكم شهر الإفلاس : من طوارئ التنفيذ الخاصة بالمدين التاجر صدور حكم شهر إفلاسه إذ أن نظام الإفلاس يوقف الإجراءات الفردية فلا يجوز للدائن بعد شهر إفلاس مدينه توقيع حجز على أمواله أيا كان نوعه.
غير أن هناك طائفة الدائنين المرتهنين الذين تحصنوا مسبقا ضد إفلاس مدينهم فلس هناك فائدة من منعهم من التنفيذ أو من استمرارهم في أن لهم أولوية على الثمن والأسبقية في الحصول عليه غير انه لصحة الإجراءات يجب أن تتم ضد وكيل التفليسة.
أما الدائنون العاديون فلا يمكنهم بدء إجراءات التنفيذ العقاري بعد حكم شهر الإفلاس، أما إذا كانوا قد بدأوها قبل شهر الإفلاس فعليهم الحصول على إذن من القاضي المنتدب لإدارة التفليسة لغرض الاستمرار في الإجراءات ضد وكيل التفليسة مع العلم أن البيع في هذه الحالة يتم لحساب جماعة الدائنين.
لا يجوز للدائن في البدء في إجراءات الحجز بعد الإفلاس لكن نظام الإفلاس نظام جماعي يحل محل الإجراءات الفردية.
III - السلطة العامة كطرف في التنفيذ : تشكل الدولة الطرف الثالث في التنفيذ ممثلة بعمال التنفيذ وهم الأشخاص الذين تسند إليهم الدولة مهمة أو القيام بأعمال التنفيذ لغرض اقتضاء حق الدائن وتأخذ الدولة في هذا الإطار بأحد النظامين:
v نظام قضاة التنفيذ : ومؤدّى هذا النظام تخصيص دائرة قضائية في كل محكمة لشؤون تقدم إليها أوراق التنفيذ (الأحكام المراد تنفيذها) وهي عادة الأحكام النهائية الحائزة على الصيغة التنفيذية ولكن لا يعني ذلك أن القضاة أنفسهم هم الذين يقومون بالتنفيذ، وإنما التنفيذ الفعلي يتم بواسطة المحضر وهو موظف إداري بقلم كتاب المحكمة يتولى مباشرة أعمال التنفيذ تحت إشراف القاضي المختص وهو رئيس دائرة التنفيذ تحت أوامره وتوجيهاته وإن لم يثر بشأن التنفيذ أي نزاع. ومن بين الدول التي أخذت بهذا النظام القانون الإيطالي، العراقي، السوري، اللبناني والقانون الجزائري.
ويمتاز نظام قاضي التنفيذ بما يلي:
- إجراء التنفيذ بمقتضى نظام قاضي التنفيذ يتم تحت إشراف القضاء.
- توحيد جهة التنفيذ.
- إمكانية الرجوع بسهولة إلى القاضي لتذليل عقبات التنفيذ
- قاضي التنفيذ هو المختص بإشكالات التنفيذ.
- يجوز لقاضي التنفيذ أن يطلب إيضاحات من القاضي الذي أصدر الحكم بشأن أي غموض أو بشأن كيفية تنفيذه.
نظام المحضرين : هم موظفون عموميين من رجال السلطة التنفيذية مكلفون قانونا بمباشرة إعلان الأوراق القضائية وإجراء التنفيذ الجبري بناء على طلب من ذوي الشأن ولهم أن يستعينوا في ذلك برجال الأمن تحت إجراء النيابة العامة وإذا امتنع المحضر عن التنفيذ جاز لصاحب الحق أن يرفع أمره إلى رئيس المحكمة باعتباره قاضي للأمور الوقتية وإذا ثار نزاع بشأن التنفيذ يرفع إلى نفس القاضي للفصل فيه. ويعتبر المحضر ممثل للسلطة العامة ووكيلا عن طالب التنفيذ إذ يعتبر تسليم السند التنفيذي إليه بمثابة وكالة للقيام بهذا التنفيذ، أما إذا تعلق التنفيذ بعقار فيتعين الحصول على وكالة خاصة في ظل هذا النظام.[/size]
وكانت الجزائر تأخذ بنظام معاوني التنفيذ الذي نظام المحضرين مع هذا الفارق وهو أن القائم بالتنفيذ في التشريع الجزائري كان للعاملين في المحاكم وله تفويض من القانون بمباشرة التنفيذ دون حاجة إلى اعتباره وكيلا عن طالب التنفيذ. غير انه بموجب القانون 91/03 المؤرخ في 08/01/1991 أصبح عمل المحضرين في القانون الجزائري مهنة أخرى وطبقا للمادة 03 من هذا القانون يباشر المحضر مهامه تحت مسؤولية ومراقبة وكيل الجمهورية للجهة القضائية المختصة إقليميا. ويكون التنفيذ بناء على طلب من صدر الحكم لمصلحته ويقوم به لأداة محضر الجهة القضائية التي أصدرت الحكم أو محضر المحكمة أو المحضر الداخل في دائرة اختصاصها مكان مباشرة التنفيذ.
ويستعين المحضر في هذه المهمة بأعضاء النيابة العامة في حالة الضرورة وإلى جانب ذلك يقوم المحضر بتبليغ الأوراق القضائية المطلوب تنفيذها. وطبقا للمادة 330 قاإم، يقوم المحضر بتبليغ النسخة التنفيذية للمحكوم عليه في مهلة 20 يوما وعند انقضاء هذه المدة إذا لم يتم التنفيذ الاختياري يباشر المحضر التنفيذ الجبري عملا بالمادة 336 قاإم: ( عند انقضاء ميعاد 20 يوما … تباشر إجراءات التنفيذ ولا ي س وغ أن يجاوز التنفيذ القدر الضروري للوفاء بحق الدائن وتغطية المصروفات).
فإذا كان المطلوب هو حجز منقولات المدين فإن المادة 342 قاإم: ( يصرح للكاتب القائم بالتنفيذ أن يفتح أبواب المنازل والحجرات والأثاث لتسهيل مأموريته وفي حدود ما تستلزمه مقتضيات التنفيذ )، تسمح للقائم بالتنفيذ بفتح أبواب المنازل والحجرات والأثاث لتسهيل مأموريته في حدود ما تستلزمه مقتضيات التنفيذ.
أما إذا كان المطلوب هو التزام بعمل أو الامتناع عن عمل ورفض المحكوم عليه تنفيذه فإن القائم بالتنفيذ يثبت ذلك في المحضر ويحيل الموضوع أمام المحكمة المختصة طبقا لما جاء في المادة 340 قاإم: ( إذا رفض المدين تنفيذ التزام بعمل أو خالف التزاما بالامتناع عن عمل يثبت القائم بالتنفيذ ذلك في محضر ويحيل صاحب المصلحة إلى المحكمة للمطالبة بالتعويضات أو التهديدات المالية ما لم يكن قد قضى بالتهديدات المالية من قبل )، وذلك إما للمطالبة بالتعويض أو للمطالبة بالتهديدات المالية مالم يكن قد قضي بها من قبل.
وفي حالة وجود إشكال في التنفيذ يرجع بشأنه إلى قاضي الأمور المستعجلة طبقا للمادة 183 فقرة 02 قاإم: ( وعندما يتعلق الأمر بالبت مؤقتا في إشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي أو أمر أو حكم أو قرار، فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه ).
IIII - الغير كطرف في التنفيذ : تقتضي القاعدة العامة أن يكون للأحكام اثر نسبي مثل العقود فلا تفيد ولا تلزم إلا أطرافها، غير انه قد يتعدى اثر التنفيذ إلى شخص لم يكن طرفا في الحكم أو في العقد الرسمي المطلوب تنفيذه غير انه ليس المقصود بذلك أن الحكم هو في صالح هذا الغير. ولأن الأصل انه لا يجوز للمحكمة بأن تقضي لمصلحة شخص أو ضد مصلحة شخص لم يختصم أمامها، ولكن قد يتطلب تنفيذ الحكم إشراك الغير أو تدخله ومثاله حائز الشيء الذي يباشر التنفيذ عليه وفي هذا الصدد تنص المادة 341 قاإم: ( لا يجوز للغير أن يعترض على التنفيذ بادعائه أن له حق امتياز على هذا الشيء وإنما له أن يثبت حقوقه وقت توزيع الثمن ).
مطلب 02 : موضوع التنفيذ أو محله :
الأصل أن التنفيذ لا يتم إلا على الأموال وهذا على خلاف ما كان عليه القانون الروماني القديم الذي كان ينفذ على شخص المدين.
ولكن هناك حالات تجيز فيها بعض التشريعات التنفيذ على شخص المدين كوسيلة لإكراهه على الوفاء وهو ما يعرف بالإكراه البدني.
الإكراه البدني
قد نص ّ المشرع الجزائري عليه في المواد من 407 إلى 412 قاإم جزائري. وقد أجاز كذلك الفقه الإسلامي حبس المدين وذلك بشرط التفرقة بين الموسر والمعسر فمنع الفقه الإسلامي حبس المدين المعسر لأنه لا فائدة ترجى من وراء حبسه ولكن أجاز الفقه حبس المدين الموسر – الغني – الممتنع عن الوفاء بسبب تماطله وتقاعسه مع قدرته على الوفاء، مع العلم أن الإكراه البدني عمل به في فرنسا إلا انه ألغي بقانون صدر في جويلية 1867 حيث أوقف التنفيذ بالإكراه البدني في المواد المدنية واحتفظ به في المواد الجنائية، أما المشرع الجزائري فقد احتفظ بالإكراه البدني في المواد التجارية والمدنية كوسيلة استثنائية محدودة بعد استنفاذ الطرق العادية في التنفيذ وبشروط متعددة.
فنصت المادة 407 قاإم: ( يجوز في المواد التجارية وقروض النقود أن تنفذ الأوامر والأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به والتي تتضمن الحكم بدفع مبلغ اصلي يزيد عن 500 دج بطريق الإكراه البدني ولا يجوز التنفيذ بالإكراه البدني إلا بعد استنفاذ طرق التنفيذ المنصوص عليه في القانون ).
ويمكن استخلاص شروط التنفيذ بالإكراه البدني في التشريع على النحو التالي:
§ لا يجوز التنفيذ بالإكراه البدني إلا بعد استنفاذ طرق التنفيذ العادية – الحجز والغرامة المالية -.
§ طبقا للمادة 409 قاإم يجب التنفيذ بالإكراه البدني في خلال 03 سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم لقوة الشيء المقضي به وإلا سقط الحق فيه – الإكراه البدني -.
§ طبقا للمادة 408 قاإم يجب أن يكون لطالب التنفيذ – الدائن - موطن بالجزائر.
§ أن يكون الدين المطلوب التنفيذ لأجله من المواد التجارية أو قروض النقود وان تكون قيمة هذا الدين أزيد من 500دج