فضاؤك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاؤك

خاص لكل القانونيين من طلاب اساس المستقبل و ممتهنيين اساس الدولة و النظام في المجتمع
 
البوابةالرئيسيةالتسجيلدخولأحدث الصور

 

 أركان عقد التأمين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
admin
Admin
admin


عدد المساهمات : 504
تاريخ التسجيل : 06/07/2010

أركان عقد التأمين Empty
مُساهمةموضوع: أركان عقد التأمين   أركان عقد التأمين I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 13, 2010 1:56 pm

:
أركان عقد التأمين

76- لا جرم أن عقد التأمين كسائر العقود يجب أن تتوافر فيه الشروط العامة التى يتطلبها القانون فى العقد كالتراضى والمحل والسبب. ورغم أن هذه الشروط تخضع للأحكام العامة فى نظرية العقد، إلا أن ذاتية عقد التأمين تتطلب دراسة الرضاء والمحل لبيان عناصره المختلفة.
ونتناول دراسة هذا الموضوع من خلال المباحث الآتية :
المبحث الأول : التراضى فى عقد التأمين

77- لا جناح أن الرضاء هو قوام العقد ومصدر وجوده، ومن ثم فإنه يجب أن يكون التراضى موجوداً بتطابق الإيجاب والقبول وأن يكون صحيحاً بأن يكون لدى المتعاقدين أهلية إبرامه وأن تكون إرادة كل منهما خالية من عيوب الإرادة (كالغلط والتدليس والإكراه). فإذا توافر لعقد التأمين ذلك فأصبح موجوداً من الناحية القانونية.
أما من الناحية العملية فإن عقد التأمين يبرم على نحو خاص ومن عدة مراحل متوالية. ونعرض لدراسة هذا الموضوع من خلال المطالب التالية :
المطلب الأول : طرفا عقد التأمين

78- نعلم أن العقد، بصفة عامة، هو الجمع بين طرفين لم يكن بينهما جامع من قبل، وكذلك عقد التأمين فهو يجمع بين طرفيه وهما المؤمن ومؤمن له.
غير أن الذاتية الخاصة للتأمين والتنافسية بين شركات التأمين وتسابقها على الاستحواذ على أكبر عدد ممكن من المؤمن لهم، تجعل المؤمن يدفع بعدد غير قليل من وسطاء التأمين سعياً وبحثاً عن المؤمن له وذلك طبقاً لمقولة " التأمين يباع ولا يشترى " والأفضل القول بأن " التأمين يعرض ولا يطلب ".
ونتناول الحديث عن طرفى عقد التأمين من خلال النقاط التالية :

أولاً – المؤمن
79- لا جناح أن المؤمن، باعتباره طرفاً فى عقد التأمين، هو كل شخص يعرض تحمله تبعة الخطر (الواقعة) الذى يحدث لآخر فى مقابل مبلغ من المال ( القسط). وقد يتخذ المؤمن شكل شركة مساهمة تكون لها الشخصية القانونية المستقلة عن المساهمين وعن المؤمن لهم، فهى تجمع الأقساط فى مقابل ضمان الخطر المؤمن منه والوفاء بمبلغ التأمين فى حالة تحقق هذا الخطر. وقد يتخذ المؤمن شكل جمعية للتأمين التبادلى أو التعاونى لا تستهدف الربح من عملها ويجمع أعضاؤها بين صفتى المؤمن والمؤمن لهم فى ذات الوقت، حيث يؤمن بعضهم بعضاً ([1]).
نوهنا – آنفاً – إلى أن التأمين يعرض ولا يطلب، ولما كانت زيادة عدد المؤمن لهم يحقق للمؤمن مزيد من الربح والثقة فى قدرته على الوفاء بالتزاماته وثقة العملاء فيه. لذلك يخول المؤمن بعض الأشخاص فى كل أو بعض سلطاته فى إبرام العقود مع المؤمن لهم، وهؤلاء الأشخاص يطلق عليهم وسطاء التأمين.

- وسطاء التأمين
80- هؤلاء الوسطاء هم الذين يمثلون المؤمن (شركة التأمين) وينتشرون فى كل مكان من أجل عرض التأمين على الناس والحصول منهم على قبول ما يعرضونه من وثائق تأمين المختلفة. وتختلف درجة تمثيل كل منهم للمؤمن تبعاً للسلطات المخولة له فى إبرام عقد التأمين مع العملاء.

1 - الوكيل المفوض
وهو الشخص الذى يوكله المؤمن فى التعاقد المباشر مع المؤمن لهم نيابة عنه. وهذه النيابة تخول المفوض فى تحصيل الأقساط وتعديل شروط العقد ومد مدته وفسخه إذا توافر سببه وتسوية مبالغ التأمين ([2]).

2- المندوب ذو التوكيل العام
وهو الشخص الذى يخوله المؤمن سلطة إبرام عقد التأمين مع المؤمن له، شريطة التقييد بشروط التأمين العامة المألوفة والتى تكون - غالباً – مدرجة فى وثائق التأمين المختلفة. فهذا المندوب ليس له التعديل فى هذه الشروط بالحذف أو الإضافة ([3]) سواء أكان ذلك لمصلحة المؤمن أم كان لمصلحة المؤمن له. لأن سلطته مقصورة على إبرام عقد التأمين فقط ولذلك فسلطته أدنى من سلطة الوكيل المفوض.
وعمومية توكيل هذا المندوب هى التى تحد من سلطته بحيث تلزمه بعدم مجاوزة حدود وكالته وهى لا تخوله أكثر من إبرام عقد التأمين.

3- السمسار غير المفوض
وهو الشخص الذى ينحصر عمله فى الوساطة والتقريب بين راغبى التأمين دون أن يكون له سلطة إبرام عقد التأمين. وسلطة السمسار فى عملية التأمين تضيق وتتسع تبعاً علاقته بالمؤمن وهى لا تخرج أحد فرضين وهما ([4]) :
الأول – عدم وضوح حدود سلطة السمسار. والسمسار فى هذه الحالة بالرغم من كونه من وسطاء التأمين، إلا أنه ليس له سلطة إبرام العقد مع طالب التأمين. حيث تظل هذه السلطة فى يد المؤمن، والمهمة التى يؤديها السمسار هى عرض التأمين وتقديم الوثيقة الموقعة من المؤمن إلى المؤمن له للتوقيع عليها بالقبول ([5]).
الثانى– وضوح حدود سلطة السمسار فى كونه وسيط يتولى البحث عن عملاء وعرض التأمين عليهم ووضعهم فى علاقة مباشرة مع المؤمن لإبرام عقد التأمين.

ثانياً – المؤمن له
81- لا جـرم أن المؤمن له، باعتباره طرفاً فى عقد التأمين، هو كل شخص يهدده خطر معين يرغب فى درئه عن نفسه بنقل تبعته إلى شخص آخر (المؤمن) فى مقابل دفع مبلغ من المال (القسط).
بيد أن يجدر الإشارة إلى أنه تتداول فى مجال التأمين ثلاثة مصطلحات قد تجتمع فى شخص واحد أو تتفرق على أكثر من شخص، وهى طالب التأمين، والمؤمن له، والمستفيد ([6]).
-طالب التأمين : هو الشخص الذى يبرم عقد التأمين مع المؤمن ويتعهد بتنفيذ الالتزامات المقابلة لالتزامات المؤمن.
-المؤمن له أو المؤمن عليه أو المستأمن : وهو الشخص الذى يهدده الخطر المؤمن منه.
-المستفيد : وهو الشخص الذى يستحق مبلغ التأمين أو قيمة التعويض عند تحقق الخطر المؤمن منه.
فهذه المصطلحات قد تجتمع فى شخص واحد ويطلق عليه المؤمن له ولا سيما فى التأمين من الأضرار، بأن يكون هو طالب التأمين الذى تعاقد مع المؤمن وهو –أيضاً- والمؤمن له الذى يهدده الخطر وهو المستفيد من هذا التأمين، بمعنى هو الذى يتقاضى مبلغ التأمين عند تحقق هذا الخطر. فمثلاً الشخص الذى يؤمن على سيارته ضد الحريق فهذا الشخص هو الذى تعاقد مع شركة التأمين (طالب التأمين) وهو الذى يهدده خطر حريق سيارته (المؤمن له)، وهو الذى يتقاضى مبلغ التأمين من الشركة فى حالة احتراق سيارته (المستفيد).
غير أن هذه المصطلحات قد تتفرق بين أكثر من شخص كما فى التأمين على الحياة. فمثلاً يتعاقد شخص (طالب التأمين) مع المؤمن على التأمين على حياة زوجته (المؤمن عليه) لمصلحة أبنه (المستفيد). أو يؤمن الشخص على حياته (طالب التأمين والمؤمن له) لمصلحة وارثه (المستفيد). ففى هذه الحالة الأخير يجتمع للشخص مصطلحين هما : طالب التأمين والمؤمن له، أما مصطلح المستفيد فإنه يطلق على وارثه. كما يجوز أن يكون المؤمن له والمستفيد شخصاً واحداً وطالب التأمين شخص آخر، فمثلاً لو آمن المشترى بثمن مؤجل على الشئ الذى اشتراه - تأميناً شاملاً لكل الأخطار - لمصلحة البائع (*)، فإن المشترى فهذه الحالة يكون طالباً للتأمين والبائع يكون مؤمناً له ومستفيداً من التأمين يستحق مبلغ التأمين متى تحقق الخطر المؤمن منه.
وعقد التأمين كسائر العقود كما يجوز أن يبرمه المؤمن له أصالة عن نفسه يجوز – كذلك - أن يبرمه بواسطة نائب قانونى (كالولى أو الوصى أو القيم أو الحارس القضائى أو السنديك) أو اتفاقى (كالوكيل)، ومن ثم تطبق عليه الأحكام العامة فى النيابة فى التعاقد وينصرف أثر عقد التأمين مباشرة إلى الأصيل (المؤمن له) دون النائب.
كما يجوز أن يبرم عقد التأمين بطريق الفضالة متى توافرت شروطها فى القواعد العامة، كما لو أمن أمين النقل على البضاعة التى ينقلها لحساب الشاحن لتوافر أمر عاجل دفعه إلى ذلك، ففى ذلك ينصرف أثر عقد التأمين إلى صاحب البضاعة (الشاحن) مباشرة، وتخضع هذه الحالة إلى أحكام الوكالة فى العلاقة بين الفضولى (الناقل) ورب العمل (الشاحن) [المادة (190) مدنى ([7])]
المطلب الثانى : التراضى وجوده وصحته

82- نعلم أن التراضى هو قوام العقد فلا وجود للأخير إلا إذا وجد الأول. والتراضى، باعتباره تعبيراً عن الإرادة، فلابد أن يكون موجوداً وصحيحاً أى سليماً من العيوب.
ونتناول دراسة هذا الموضوع من خلال النقاط التالية :

أولاً – وجود التراضى
83- عرفناً أن عقد التأمين من العقود الرضائية التى تنعقد بمجرد توافق إرادتين على إحداث أثر يرتبه القانون، وأن استلزام الكتابة للإثبات وليس للانعقاد. وبناء على ذلك فإنه يجب أن يكون التراضى موجوداً بأن يعبر القابل (المؤمن) عن إرادته على نحو يتوافق مع التعبير الصادر من طالب التأمين ويتطابق معه. ومتى تطابق القبول مع الإيجاب فإن عقد التأمين ينعقد دون الحاجة إلى إى إجراء آخر وفقاً لما تقضى به أحكام التقنين المدنى ([8]).
غير أن ذاتية التأمين وتنوع شروط عقده وبياناته تجعل طرفيه، فى أغلب الأحيان، يعلقان تمامه على التوقيع على وثيقة التأمين من كليهما (المؤمن والمؤمن له)، وقد يشترطان عدم انعقاد العقد إلا إذا دفع المؤمن له القسط الأول من أقساط التأمين، وبناء على ذلك فإن العقد لا ينعقد إلا إذا تم التوقيع على تلك الوثيقة ودفع هذا القسط ([9]).

ثانيا- صحة التراضى
84- نعلم أنه لا وجود للتراضى إلا بالتعبير عن الإرادة – إيجاباً وقبولاً – فإذا تم هذا التعبير فقد تحقق ذاك الوجود، إلا أنه قد يأتى غير صحيح بأن يكون التعبير قد صدر عن غير ذى أهلية لإبرام العقد أو يكون قد لحق بالإرادة التى تم التعبير عنها عيباً كغلط أو تدليس أو إكراه.

1 – الأهليـة
لا جرم أنه لا يثور الحديث عن الأهلية إلا إذا كنا بصدد تصرفاً قانونياً (عقد أو إرادة منفردة)، حيث أن إبرام مثل هذا التصرف يتطلب دراجة من الأهلية تتناسب مع نوع المحل فيه، فإذا كان من أعمال التصرف وجب أن يكون مبرمه كامل الأهلية أو أن يكون عمل الإدارة يقتضيه، أما إذا كان محله من أعمال الإدارة فإنه يجوز للقاصر والمحجور عليه المأذون له فى إدارة أمواله إبرامه.
ونعرض للحديث عن الأهلية بالنسبة لطرفى عقد التأمين – المؤمن والمؤمن له – على النحو التالى :

أ- أهلية المؤمن
المؤمن، باعتباره شركة مساهمة أو جمعية تأمين تبادلية، فلا محل للكلام عن الأهلية بالنسبة له متى كان قد اكتسب الشخصية القانونية وطالما أن الشخص الذى قام بإبرام عقد التأمين مع المؤمن له هو الممثل القانونى للشخص المعنوى.

ب- أهلية المؤمن له
لا جناح أن عقد التأمين يعد من أعمال الإدارة، ومن ثم فإنه يجوز للبالغ الرشيد أن يبرمه، كما يجوز للقاصر أو المحجور عليه إذا كان مأذون له فى إدارة أمواله إبرام عقد التأمين.
أما القاصر أو المحجور عليه غير المأذون له فى الإدارة، فليس له إبرامه وإذا أبرمه كان قابلاً للإبطال لمصلحته، إلا إذا أجازه وليه أو أجازه هو عند بلوغه سن الرشد أو بعد الإذن له فى إدارة أمواله ([10]).
ويجوز – أيضاً – للولى والوصى والوكيل وكالة عامة أن يبرم هذا العقد، لأن هؤلاء له مباشرة أعمال الإدارة نيابة عن الأصيل ([11]).

2 - عيوب التراضى
لا جرم أنه قد يوجد التراضى من الشخص الذى له أهلية إبرام عقد التأمين، إلا أن رضاءه يأتى معيباً بأحد عيوب الإرادة، ومن ثم يسرى فى شأنه أحكام النظرية العامة للعقد.
فإذا وقع العاقد فى غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، فإنه – طبقا للقواعد العامة – يكون له الحق فى التمسك بطلب إبطال عقد التأمين. غير أن ذاتية التأمين اقتضت استقلاله بأحكام خاصة تلقى على المؤمن له بالتزامات يجب عليه الوفاء بها وإلا تعرض للجزاء القانونى المترتب على الإخلال به، كالالتزام بالإدلاء بجميع البيانات والظروف التى من شأنها إعطاء المؤمن فكرة حقيقية وكاملة عن الخطر المؤمن منه.
المطلب الثالث : مراحل إبرام عقد التأمين

85– الأصل أن العقد ينعقد بمجرد اقتران القبول بالإيجاب على نحو يحدث أثراً قانونياً فى المعقود عليه. إلا أن ذاتية التأمين التى تقتضى إجراء حسابات دقيقة حول الخطر المؤمن منه واشتمال وثيقة التأمين على شروط وبيانات متنوعة، اقتضت أن يجرى فى الواقع العملى أن يمر إبرام عقد التأمين بمراحل متتالية.

أولاً – طلب التأمين
86- نوهنا – آنفاً – إلى أن التأمين يعرض ولا يطلب، ولذلك فإن المؤمن يسعى بواسطة وسطاء التأمين إلى الناس ليعرض عليهم فوائد التأمين ومزاياه، فإذا اقتنع شخص بما عرض عليه قدم الوسيط إليه نموذجاً مطبوعاً مدون فيه بعض الاستفسارات عن الخطر المراد التأمين ضده التى يجب على هذا الشخص تحرى الصدق والأمانة فى الإجابة عنها. بالإضافة إلى بيانات أخرى تتعلق بمقدار قسط وتاريخ الوفاء به ومبلغ التأمين الذى يتعهد دفعه المؤمن فى حالة تحقق الخطر المؤمن منه، متى كان هذا الخطر محدداً فى ذاك النموذج، كما يجرى عليه العمل فى سوق التأمين بالنسبة لتأمين على الحياة. عندئذ يقوم طالب التأمين باستيفاء بيانات هذا الطلب والتوقيع عليه وتسليمه للوسيط أو إرساله إلى المؤمن.

- القوة الإلزامية لطلب التأمين
هذا الطلب، بالرغم من أنه يتضمن البيانات التى يبرم على أساسها عقد التأمين، إلا أنه ليس له قوة إلزامية فهو لا يكون ملزماً لطالب التأمين، مع أنه موقعاً منه، ولا للمؤمن.
فبالنسبة إلى المؤمن، لا يمكن القول بأن النموذج المطبوع الذى قدمه وسيطه إلى الراغب فى التأمين ملزماً له. فهذا النموذج لا يعد من قبيل الإيجاب، حتى يقال أن توقيع طالب التأمين عليه يعد قبولاً له. إنما يعد من قبيل المفاوضات التى تسبق الجزم بالإيجاب الذى يصدر من طالب التأمين.
وبناء على ذلك فإنه يكون للمؤمن قبول طلب التأمين أو رفضه دون أدنى إلزام عليه ببيان أسباب هذا الرفض، أو بإعلان طالب التأمين به.
وبالنسبة لطالب التأمين فإن تقديم طلب التأمين مع الاستعلام عن مقدار القسط أو أى بيانات أخرى لا يعد من قبيل الإيجاب البات، وحتى لو كان إيجاباً باتاً لا يكون ملزماً له. لأن العمل جرى فى سوق التأمين على أن تقديم طلب التأمين لا يعد من قبيل الإيجاب الملزم ([12]).
وبناء على ذلك فإنه يجوز للمؤمن له إبرام العقد مع المؤمن، كما يجوز له الرجوع عن إيجابه متى تم ذلك قبل صدور القبول من الأخير. أما إذا كان هذا القبول قد صدر، فلا يجوز الرجوع فى الإيجاب، لأن عقد التأمين يكون قد انعقد متى جاء الأول مطابقاً لثانى.
وإن كان ما سبق ذكره يتعارض مع القاعدة العامة التى تقضى بإلزامية الإيجاب متى حدد ميعاداً للقبول أو استخلص هذا الميعاد من ظروف الحال أو طبيعة المعاملة [المادة (93) مدنى ([13])]، إلا أن هذا التعارض تقتضيه ذاتية التأمين ولا سيما ما جرى عليه العمل فى سوق التأمين من تعليق تمام العقد على التوقيع على وثيقة التأمين من طرفيه، فبالرغم من رضائية عقد التأمين إلا أنه لا يكفى لانعقاده – فى هذه الحالة - الإيجاب والقبول، بل يجب التوقيع على العقد ([14]).
وفى تقديرنا أنه لا يجب البحث فى القواعد العامة لتحديد طبيعة طلب التأمين ما إذا كان يعد إيجاباً أو قبولاً ملزماً أو غير ملزم، سواء أكان تضمن العناصر الأساسية للعقد أم كان من عدمه ([15])، بل يجب البحث عن ذلك فى الأحكام الخاصة بعقد التأمين وما جرى العرف التأمينى عليه فى الواقع العملى.

ثانياً – مذكرة التغطية المؤقتة
87- نوهنا – آنفاً – إلى أن طلب التأمين قد يعد منذ البداية إيجاباً باتاً من الشخص طالب التأمين. وقد يتحول من طلب إيضاح بعض المعلومات من المؤمن ويصل إلى مرحل الإيجاب البات. فإذا وصل هذا الطلب إلى هذه المرحلة، بأن كان مشتملاً عن العناصر الجوهرية فى عقد التأمين كتحديد مقدار القسط ومبلغ التأمين ومدته، كان حرى بالمؤمن أن ينظر فيه ويتخذ فى شأنه قراراً بالقبول أو بالرفض.
ولما كان إعداد وثيقة التأمين والتوقيع عليها من الأطراف يستغرق بعض الوقت، أو كان المؤمن يحتاج لبعض الوقت للبت بشكل قاطع فى قبوله لطلب التأمين أو رفضه. ففى الحالين يكون طالب التأمين (الموجب) بدون تغطية من الخطر الذى يهدده خلال هذه الفترة. لذلك جرى العمل على إمكانية الاتفاق بين طالب التأمين والمؤمن على توفير التغطية فى الفترة السابقة على إبرام عقد التأمين بشكل نهائى عن طريق مذكرة التغطية المؤقتة.
فهذه المذكرة تعد بمثابة عقد تأمين ابتدائى يلزم كل طرف بما يجب عليه قبل الآخر مع الاحتفاظ بحق الإقالة إذا لم تسلم وثيقته قبل انقضاء الأجل المضروب ([16]).

- حالتان لمذكرة التغطية المؤقتة
88- اعتبرنا – آنفاً – أن هذه المذكرة تعد بمثابة عقد تأمين ابتدائى يرتب التزامات على عاتق طرفيه ([17])، ومع ذلك فإنها لا تخرج عن الحالتين الآتيين ([18]):

الأولى – قبول المؤمن لطلب التأمين
ففى هذه الحالة يقبل المؤمن طلب التامين من طالبه. إلا أنه يكون فى حاجة إلى بعض الوقت لدارسة الأمر وإعداد وثيقة التأمين والتوقيع عليها من الأطراف، فيقدم لطالب التأمين تغطية تأمينية خلال فترة إعداد التعاقد النهائى على التأمين وذلك عن طريق تقديم مذكرة التغطية المؤقتة ([19]).

الثانية – عدم البت فى طلب التأمين من قبل المؤمن
فى هذه الحالة لا يكون المؤمن قد وصل إلى قرار بالقبول أو بالرفض لطلب التأمين، وأن الوصول إلى ذلك يحتاج إلى فترة زمنية لدراسة الخطر المؤمن منه ومدى إمكانية التأمين عليه بشكل نهائى. ولما كان كثرة عدد المؤمن لهم لدى المؤمن تحقق له فائدة كبرى، وأن التسرع فى قبول طلبات التأمين بدون دراسة متأنية تعرضه لخسارة فادحة، لذلك فإن المؤمن يعطى لنفسه مهلة للدراسة على أن يقدم لطالب التأمين تغطية خلال هذه الفترة فإذا انقضت دون تسليم وثيقة التأمين إلى طالبه يقيل كل منهما الآخر من التزاماته ([20]).

- شكل مذكرة التغطية المؤقتة
89- نعلم أن الأصل فى عقد التأمين – طبقاً لأحكام القانون المدنى - أنه رضائى، إلا أن ذلك لا يحول دون أن ينص تشريع أو يتفق الأطراف على صبه فى قالب شكلى معين. وهذا أيضاً ينصرف إلى هذه المذكرة التى يجرى العمل على أنه تكون مكتوبة وموقعة من المؤمن بما يفيد رضاءه بالتغطية المؤقتة. أما رضاء طالب التأمين فقد أفصح عنه فى الإيجاب الصادر منه فى شكل طلب التأمين الذى وقع عليه وقدمه إلى المؤمن.
بيد أنه لا يوجد شكل خاص للمذكرة المؤقتة، فأية ورقة مكتوبة وموقعة من المؤمن تتم به هذه المذكرة ولو كان خطاب عادى مرسل إلى طالب التأمين يفيد قبول المؤمن لتغطية الخطر المؤمن منه مؤقتاً. ويبدأ سريان هذه التغطية من التاريخ المدون على هذه المذكرة أو من التاريخ المحدد بها لسريانه. وإذا تحقق الخطر المؤمن منه بعد هذا التاريخ وقبل نهاية مدة التغطية يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين إلى المستفيد ([21]).
وفى ضوء ذلك يتبين صدق ما ذهبنا إليه من أن مذكرة التغطية المؤقتة تعد بمثابة عقد تأمين ابتدائى يحتفظ فيه طرفيه بحق الإقالة فى حالة عدم تسليم طالب التأمين الوثيقة التى تفيد التعاقد بشكل نهائى على تأمين المؤمن له من الخطر المؤمن منه. ولذلك يجب أن تتضمن هذه المذكرة البيانات الأساسية التى يتطلبها عقد التأمين ولا سيما نوعية الخطر ومبلغ التأمين ومقدار القسط ([22]).

ثالثاً – وثيقة التأمين
90- لا جرم أنه إذا بت المؤمن فى الإيجاب البات الموجه إليه من طالب التأمين بالقبول، فإنه يجب عليه إعداد وثيقة التأمين والتوقيع عليها وإرسالها إلى المؤمن له، وبناء على ذلك يتحول عقد التأمين الابتدائى الذى تضمنته مذكرة التغطية المؤقتة إلى تعاقد نهائى جرى العمل على أن يأتى فى صورة وثيقة.
ولا جناح أن توقيع المؤمن له على الوثيقة ليس أمراً ضرورياً، إلا إذا كان ذلك من شروط التعاقد النهائى، لأن توقيعه سبق وضعه على طلب التأمين الذى يمثل إيجابه البات الموجه إلى المؤمن.
بيد أنه يجب أن تتضمن الوثيقة بيانات أساسية تتعلق بالأطراف كالاسم والموطن ونوعية الخطر المؤمن منه وتحديد مبلغ التأمين ومقدار القسط.

- مهمة وثيقة التأمين
91- الوثيقة، باعتبارها الثوب الدائم الذى يرتديه عقد التأمين بعد تجريده من ثوبه المؤقت المتمثل فى مذكرة التغطية المؤقتة، فما هى مهمتها بالنسبة للتأمين ؟.
سبق القول أن عقد التأمين، فى أحكام القانون المدنى، عقد رضائى ومن ثم فإن اشتراط الكتابة فى وثيقة التأمين يكون للإثبات وليس للانعقاد. ومع أن المشروع التمهيدى لهذا القانون ([23]) كان يشترط لتمام العقد أن يتم التوقيع على وثيقة التأمين من أطرافه (المؤمن والمؤمن له). وبديهياً أن اشتراط ذلك يستلزم أن تكون هذه الوثيقة مكتوبة، لأن التوقيع (بالإمضاء أو بصمة الإصبع أو الختم) لا يكون إلا على مكتوب. وجرى العمل فى سوق التأمين على وجوب الكتابة لانعقاد عقد التأمين سواء أكان فى صورة مذكرة تغطية مؤقتة (الابتدائى) أو فى شكل وثيقة تأمين (النهائى). وعندئذ تصبح الكتابة لازمة للانعقاد وليس لمجرد الإثبات فقط، ولما كانت الوثيقة هى الشكل الذى يصب فيه عقد التأمين فإن كتابتها يكون ضرورية لانعقاد هذا العقد وليس لإثباته فقط ([24]).
وبالرغم من اشتراط الكتابة فى وثيقة التأمين، إلا أنه لا يشترط شكلاً خاصاً، فأية وسيلة تتحقق بها الكتابة يتوافر بها ذلك، فيجوز أن تكون مطبوعة أو مكتوبة على الآلة الكاتبة أو بخط اليد … الخ.

- بدء سريان التأمين
92- نوهنا – آنفاً – إلى أن مذكرة التأمين تعد بمثابة عقد تأمين ابتدائى وأن الوثيقة هى التعاقد النهائى للتأمين، وبناء على ذلك فإن سريان التأمين يبدأ من تاريخ هذه المذكرة، أو من تاريخ الوثيقة فى حالة عدم الاتفاق على تغطية مؤقتة، ما لم يحدد المتعاقدان وقت آخر لذلك. فمن تاريخ سريان التأمين يلتزم كل طرف بما وجب عليه قبل الآخر فطالب التأمين يوفى بالأقساط والمؤمن يتحمل تبعة الخطر المؤمن منه.

- تفسير وثيقة التأمين
93- عرفنا أن وثيقة التأمين تعد عقد التأمين المكتوب، وبذلك فهى تخضع للمبادئ العامة فى تفسير العقود ، ولما كان هذا العقد من عقود الإذعان فإنه يجوز لقاضى الموضوع أن يعدل من شروطه أو أن يعفى الطرف المذعن (المؤمن له) [المادة (149) مدنى ([25])]، ولا يجوز له أن يفسر العبارات الغامضة فيه على نحو ضار بهذا الطرف سواء أكان دائناً أم كان مديناً [الماد (151/1) مدنى ([26])] ([27]).

رابعاً – ملحق وثيقة التأمين
94– عرفنا أن المؤمن قد يكون فى حاجة لفترة زمنية لدراسة طلب التأمين (إيجاب طالب التأمين البات) وقد يقدم لطالب التأمين تغطية مؤقتة خلال هذه الفترة، فإذا ما قرر المؤمن قبول التأمين فإنه يجب عليه إعداد وثيقته وتسليمها إلى المؤمن له. غير أن الواقع العملى قد يكشف عن الحاجة إلى إجراء تعديل فى هذه الوثيقة، فيجرياه العاقدان بواسطة اتفاق يطلق عليه ملحق وثيقة التأمين.
فهذا الملحق يمكن تعريفه بأنه " اتفاق العاقدان (المؤمن والمؤمن له) على تعديل وثيقة التأمين الأصلية (عقد التأمين) ويلحق بها ".
الشروط الواجب توافرها فى ملحق الوثيقة
فى ضوء هذا التعريف يتبين أنه يشترط فى ملحق وثيقة التأمين الشروط الآتية ([28]) :

1-أن تكون وثيقة التأمين الأصلية موجودة وقائمة : فإذا لم يكن هناك وثيقة أصلاً أو كانت موجودة لكنها انقضت قبل الاتفاق على تعديلها فلا نكون بصدد ملحقاً لوثيقة التأمين، بل نكون بصدد اتفاق على التأمين يجرى فى شأنه ما سبق ذكره من أحكام. غير أنه لا يشترط أن تكون الوثيقة الأصلية نافذة، فيجوز الاتفاق على إضافة ملحق لوثيقة موقوفة ويأخذ حكمها فيكون موقوفاً مثلها.

2-أن يتضمن الملحق الإضافى تعديلاً فى الوثيقة الأصلية : كالاتفاق على زيادة مبلغ التأمين أو مقدار القسط أو امتداد فترة التأمين أو سريان الوثيقة بعد أن كانت موقوفة … الخ.

3-أن يكون من مقتضيات إجراءه اتفاق الطرفين : أما إذا كان تعديل بعض شروط الوثيقة الأصلية تنفيذاً لحكم القانون وبناء على إرادة المؤمن له المنفردة دون الحاجة إلى قبول المؤمن لذلك فلا نكون بصدد ملحق لها. فمثلاً لو كانت الوثيقة موقوفة بسبب تأخر المؤمن له فى دفع قسط التأمين، فإن هذه الوثيقة تعود لسريان بمجرد دفع القسط المتأخر بحكم القانون دون الحاجة إلى قبول من المؤمن.

- آثار ملحق الوثيقة الأصلية
علمنا أن القصد من إضافة ملحق لوثيقة التأمين هو إجراء تعديل لبعض بنودها بالإضافة أو الحذف، وعندئذ فإن أثرها يكون مقصوراً على هذه البنود دون أن يتعدى إلى غيرها. ويبدأ سريان هذا التعديل من تاريخه ما لم يتفق على تاريخ لذلك. وإذا وقع تعارض بين الشروط التى جاءت بالمحلق وبين شروط الوثيقة الأصلية رجحت الأولى لأن اللاحق ينسخ من السابق ما يتعارض معه ([29]).
غير أنه يجب ملاحظة أن الملحق الذى تتوافر فيه الشروط – آنفة البيان – يصبح جزءً من الوثيقة الأصلية ويكونا معاً وحدة عضوية


المبحث الثانى : المحل فى عقد التأمين (المعقود عليه)

95- لا جرم أن عقد التأمين يخضع - باعتباره عقداً - فيما يتعلق بركنيه (السبب والمحل) إلى القواعد العامة فى نظرية العقد. غير أن ذاتية التأمين تتطلب أن نولى الدراسة شطر المسائل الخاصة به كالخطر المؤمن منه والقسط الذى يلتزم المؤمن له بدفعه إلى المؤمن ومبلغ التأمين الذى يلتزم المؤمن بأدائه للمؤمن له فى حالة تحقق الخطر المؤمن منه والمصلحة المشروعة للمؤمن له فى عدم وقوع الخطر المؤمن منه.
ونتناول دراسة ذلك فيما هو آتٍ من مطالب :
المطلب الأول – الخطر المؤمن منه.
المطلب الثانى – قسط التأمين.
المطلب الثالث – مبلغ التأمين.
المطلب الرابع – المصلحة فى التأمين.
المطلب الأول : الخطر المؤمن منه

96- لا جناح أن الخطر يعد العنصر الأساسى فى التأمين، حيث أن التأمين لم يوجد أصلاً إلا لبث الطمأنينة فى نفس المؤمن وإزاحة شبح تحقق هذا الخطر عنه.
وبالإضافة إلى ذلك فإن التأمين يعمل على نقل الآثار المالية المترتبة على تحقق الخطر المؤمن منه إلى عاتق المؤمن الذى يتحمل تبعته ورأب الصدع الذى يحدثه ذلك فى الذمة المالية للمؤمن له من خلال مجموع الأقساط التى يحصل عليها من جماعة المؤمن لهم، حيث أن تحقق هذا الخطر يلزم المؤمن بالوفاء بمبلغ التأمين إلى المؤمن له.
ولا غرو أن ترتبط عناصر التأمين الأخرى (قسط التأمين ومبلغ التأمين) بالخطر ارتباطاً وثيقاً، حيث يترتب على تحديد نوعيته بيان قيمة القسط وتقدير مبلغ التأمين ([30]).

ماهية الخطر (الواقعة) المؤمن منه
لا جرم أن هذا الخطر يصنف تحت مصنف العلوم الإنسانية التى تظل محلاً لاختلاف الأفهام حول تحديد مدلولها وتسمع لكل صاحب فكر بالإدلاء بدلوه فى هذا المجال. ولذلك تتعدد التعريفات الفقهية للخطر ([31]).
بيد أن هذا التعدد هو الذى سهل لنا الإدلاء بدلونا فى هذا المجال حيث يمكن تعريف الخطر بأنه "هو أمر مستقبل محتمـل لا يتوقف تحققه على محض إرادة أحد طرفى عقد التأمين "([32]).
غير أنه يجب ملاحظة أن للخطر فى التأمين معنى خاص قد لا يتفق مع المعنى اللغوى للفظة " الخطر " ولا مع المعنى الاصطلاحى لها فى القانون. فالمعنى الخاص له قد يقصد به ضراء كحوادث الحريق والطريق والوفاة وقد يقصد به سراء كوقائع الميلاد والزواج ([33]).
وفى تقديرنا أنه يجب استخدام عبارة ( الواقعة المؤمن منها) بدلاً عن عبارة (الخطر المؤمن منه)، أى إحلال لفظة الواقعة محل لفظة الخطر. لأن اللفظة الأولى أكثر دلالة على المجالات التى يغطيها التأمين، حيث أن مجال تغطيته لا يقف عند الخطر الذى يمثل الضراء فقط بل أضحت تمتد إلى الواقعة التى تعد من قبيل السراء. ولذلك تكون لفظة واقعة أكثر دلالة على الأمرين معاً (الضراء والسراء).
ونستعرض من خلال الفرعين التاليين بيان شروط الخطر وأنواعـه:
الفرع الأول – شروط الخطر المؤمن منه.
الفرع الثانى – أنواع الخطر المؤمن منه.
الفرع الثالث – تحديد الخطر المؤمن منه.
الفرع الأول : شروط الخطر المؤمن منه

97- نوهنا إلى أن الخطر المؤمن منه يعد بمثابة ركن المحل فى عقد التأمين ولذلك يجب أن تتوافر فى هذا الخطر الشروط التالية :

الشرط الأول– أن يكون الخطر أمراً محتملاً غير محقق الوقوع:
يشترط فى الخطر المؤمن منه، باعتباره محلاً لعقد التأمين، أن يكون أمراً محتملاً، إى غير محقق الوقوع. لأن فكرة الاحتمال هى جوهر العقود الاحتمالية التى منها هذا العقد.
بيد أن الخطر يكون غير محقق الوقوع على إحدى صورتين هما :
الأولى– الخطر محتمل من حيث حقيقة وقوعه : أى أنه غير محتم الوقوع، كالتأمين ضد الحريق أو السرقة أو المسئولية أو الإصابات، فأمر وقوع هذا الخطر مشكوك فيه فقد يقع وقد لا يقع.
الثانية– الخطر محتمل من حيث وقت وقوعه : هذا الخطر ليس محتملاً من حيث الوقوع بل سيقع لا محالة ولكن وقت وقوعه غير معروف. كالتأمين على الحياة ، فخطر الموت محقق الوقوع لكن وقته غير معروف، فاحتمالية هذا الخطر من حيث وقت الوقوع وليس الوقوع نفسه لأنه أمر محتم.
غير أنه يجب ملاحظة الفارق بين احتمالية الوقوع واستحالته. فالخطر المؤمن منه يجب أن يكون محتملاً، وفى نفس الوقت يجب ألا يكون مستحيلاً، لأنه محل عقد التأمين والذى يجب أن يكون ممكناً فلو كان مستحيل الوقوع وقع العقد باطلاً لاستحالة محله [المادة (132) مدنى ([34])]. فمثلاً لو أمن شخص على سيارته ضد كل الأخطار، ثم تبين أن هذه السيارة كانت قد هلكت كلية قبل إبرام العقد، فهذا العقد يكون باطلاً لانعدام المحل. إذ أن هلاك الشئ قبل التأمين عليه يجعل تحقق الخطر مستحيلاً فينعدم المحل فيبطل العقد.
واحتمالية الخطر المؤمن منه تقتضى ألا يكون قد تحقق فعلاً أو زال قبل إبرام عقد التأمين ([35])، لأن الخطر فى الحالين (التحقق والزوال) يعد مستحيلاً وليس محتملاً. كما لو أمن شخص على منزل ضد الحريق وكان المنزل قد احترق فعلاً قبل التأمين، ففى ذلك يكون الخطر الذى يتهدد المؤمن له قد تحقق فعلاً وليس محتمل الوقوع. كما لو أمن شاحن على البضاعة المنقولة براً ضد مخاطر الطريق ثم تبين أن هذه البضاعة وصلت فعلاً إلى مخازن الشاحن قبل إبرام عقد التأمين فإن وصول البضاعة – فى هذه الحالة - يعنى استحالة تعرضها لخطر الطريق المؤمن منه لأنها وصلت فعلاً، والعقد يبطل بصرف النظر عن علم المؤمن أو عدم علمه.
واحتمالية الخطر تفترض أنه يجب أن يكون مستقبلاً، فالحادث الذى يقع فى الماضى لا يمكن أن يكون احتمالياً وإنما يكون محققاً.

الشرط الثانى– عدم تعلق تحقق الخطر على محض إرادة أحد طرفى العقد :
يجب، فوق كون الخطر محتملاً، أن يكون تحققه غير معلق على محض إرادة أحد طرفى عقد التأمين. لأن ذلك يتنافى مع فكرة احتمالية الخطر. فإذا كان تحققه يتوقف على إرادة المؤمن له فإن عنصر الاحتمال ينتفى، بل تصبح الحادثة مؤكدة بالنسبة له فالخطر يتحقق بمحض مشيئته، وقد يغريه مبلغ التأمين، إذا ما كان مستفيداً، إلى العمل على تحقق الخطر المؤمن منـه ([36]).
أما إذا كان تحقق الخطر متوقف إرادة المؤمن، وهذا لا يقع فى العمل، لأنه سوف يسعى إلى عدم تحقق الخطر، فالخطر المؤمن منه – فى هذه الحالة – يصبح عدم تحققه مؤكداً، وعندئذ سوف يحصل المؤمن على الأقساط دون أن يقابل ذلك ضمان خطر ما يكون محلاً لعقد التأمين، لأن عدم وقوعه مؤكد ([37]).
والخطر الذى يكون تحققه وعدم تحققه متوقف على محض مشيئة أحد طرفيه يتعارض مع الفكرة الأساسية، التى يقوم عليها عقد التأمين، وهى الاحتمالية. وعندئذ يقع هذا العقد باطلاً لعدم توافر أحد أركانه وهو المحل.
غير أنه يجب ملاحظة أن العقد يوصف بالبطلان عندما تكون إرادة الطرف هى التى استقلت فى تحقق الخطر دون مساهمة من عوامل خارجية (كفعل الطبيعة أو المصادفة أو إرادة الغير). أما إذا كان الدور الذى ساهمت به الإرادة فى تحقق الخطر مع العامل الخارجى دور ثانوى، كمن يؤمن نفسه من مسئوليته المدنية عن الأضرار التى تحدث للغير، فإذا وقع منه خطأ غير عمدى أدى لقيام مسئوليته الشخصية، فمثل هذا لا يبطل عقد التأمين لأنه وإن كانت لإرادة المؤمن له دور فى تحقق الخطر المؤمن منه إلا أنه دور لم يعتد به القانون لمساهمة عوامل خارجية فى ذلك.
بيد أنه يجب ملاحظة الفارق بين تعلق تحقق الخطر على محض مشيئة الطرف وبين تعمد المؤمن له تحقيق هذا الخطر للحصول على مبلغ التأمين. فالأول يؤدى إلى بطلان العقد - كما بينا آنفاً – أما الأخير يترتب عليه سقوط الحق فى مبلغ التأمين، لأن إرادة المؤمن له هى السـبب فى تحقق الخطر، وليس عاملاً خارجياً كالصدفة والاحتمال.

التأمين و الخطأ العمدى
لا جرم أنه يجب التفرقة، فى شأن الخطأ العمدى، بين الحالة التى يترتب بطلان عقد التأمين وبين التى يترتب عليها سقوط حق المؤمن له فى مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه، وذلك على النحو التالى:

الأولى– الخطأ العمدى الذى يبطل عقد التأمين أو أحد شروطه : كأن يطلب شخص من المؤمن التأمين من أخطائه العمدية. وهذه الأخطاء – غالباً – تشكل جرائم لمخالفتها لأحكام القانون الجنائى. فإذا كان الخطأ العمدى يمثل جناية أو جنحة وكان التأمين عليه جاء فى صورة شرط فى العقد (وثيقة التأمين) فإن هذا الشرط يبطل [المادة (750/1) مدنى ([38])] وتبقى باقى شروط التأمين منتجة لآثارها الأخرى، متى كان العقد قابلاً للتجزئة. أما إذا كان غير قابل لذلك فإن العقد يقع باطلاً جملة وتفصيلاً [المادة (143) مدنى ([39])]. ويبطل – كذلك – إذا كان ضمان مثل هذه الأخطاء يمثل المحـل، باعتباره ركناً فى العقد، لمخالفة النظام العـام ([40]).
أما إذا كان الخطأ العمدى يشكل مخالفة فإنه يجوز التأمين منه. وإذا ورد فى وثيقة التأمين شرط يقضى بسقوط الحق لمجرد مخالفـة القوانين واللوائح. فإن التأمين يظل صحيحاً ويبطل هذا الشرط بحكم القانون [المادة (750/1) مدنى] ([41]).
ويجوز التأمين – كذلك – من الخطأ العمد الذى يقع من الغير – أياً كان درجته ومداه - حتى لو كان تابعاً للمؤمن له [المادة (769) مدنى ([42])]. لأن علاقة التبعية لا تجعل من خطأ التابع بمثابة خطأً للمتبوع المؤمن له نفسه، فلكل منهما إرادته المستقلة، إلا إذا كان ارتكاب التابع للخطأ العمد كان بتحريض من المؤمن له ذاته.

الثانية– الخطأ العمدى الذى يسقط الحق فى مبلغ التأمين : كأن يؤمن شخص ضد أحد الأخطار التى يجوز التأمين عليها. إلا أنه ارتكب خطأً عمدياً أدى إلى تحقق الخطر المؤمن منه. كالتأمين ضد حريق منزله ويضرم النار فيه أو يؤمن على حياته أو حياة شخص آخر ثم ينتحر أو يقتل هذا الشخص. ففى هاتين الحالتين وأمثالها يسقط حق المؤمن له فى مبلغ التأمين وتبرأ منه ذمة المؤمن. إلا أنه لا يؤد إلى بطلان عقد التأمين، إذ يظل على عاتق المؤمن تبعة الخطر المؤمن منه.
غير أنه يجب ملاحظة أنه إذا كان الخطأ العمدى قد وقع من طالب التأمين أو من المؤمن له وكان المستفيد من التأمين شخص آخر من الغير. فإن مثل هذا الخطأ لا أثر له على حق المستفيد (الغير) فى مبلغ التأمين ولا تبرأ ذمة المؤمن إلا بالوفاء به إليه. وهذا يستفاد ضمنياً من الأحكام الواردة فى [المادتين (756-757) مدنى]. فمثلاً فى التأمين الإجبارى من حوادث السيارات يظل للمضرور حق مباشر فى مواجهة المؤمن تحميه دعوى مباشرة فى المطالبة بالتعويض حتى لو كان المؤمن له قد تعمد إحداث هذا الضرر.
كما يجوز أن يتقاضى المؤمن له مبلغ التأمين من المؤمن بالرغم من ارتكابه خطأً عمدياً متى كان ارتكابه لذلك أداءً لواجب أو حمايةً لمصلحة العامة، كأن يعرض حياته المؤمن عليه للموت إنقاذاً لغيره من خطر داهم كغرق أو حريق …الخ أو قيامه بإتلاف بعض المنقولات المؤمن عليها لمنع امتداد الحريق إلى غيرها، كمن يجاهد بنفسه دفاعاً عن وطنه.
ولا جناح أنه إذا نحينا الخطأ العمد بصفاته – آنفة البيان – فإن أى خطأ آخر أياً كان نوعه وأياً كانت درجته، فإنه يجوز أن يكون محلاً للتأمين وهذا ما قررته [المادة (768) مدنى ([43])].

الشرط الثالث– أن يكون الخطر مشروعاً :
يلزم لكى يكون الخطر محلاً لعقد التأمين، فوق كونه محتملاً وغير متوقف تحققه على محض مشيئة أحد أطراف العقد، أن يكون مشـروعاً. بمعنى ألا يكون الخطر المؤمن منه مخالفاً للنظام العام والآداب. والسبب فى ذلك أن الخطر يعد بمثابة محلاً لعقد التأمين الذى يخضع لأحكام القانون المدنى التى تقتضى أن يكون المحل مشروعاً وإلا وقع العقد باطلاً [المادة (135) مدنى ([44])]. ولذلك اشترط المشرع صراحة أن تكون المصلحة المؤمن عليها مصلحة اقتصادية مشروعة [المادة (749) مدنى ([45])].
وفى ضوء ما سبق يتبين أنه لا يجوز التأمين ضد خطر المطالبة بالغرامة المالية التى تحكم بها على الشخص ولا التأمين على الحكم الجنائى بالمصادرة. لأن التأمين ضد أية منهما يخالف مبدأ شخصية العقوبة الجنائية.
ولا يجوز التأمين على الاتجار فى المواد المخدرة أو الاتجار فى الأعضاء البشرية أو التأمين على أماكن اللهو والميسر والدعارة والمقامرة ضد أعمال الضبط والتفتيش الذى تقوم به السلطة العامة فالخطر فى هذه الحالات غير مشروع ومن ثم لا يجوز التأمين عليه وإلا وقع العقد باطلاً لمخالفة محلة للنظام العام والآداب ([46]).
الفرع الثانى : قياس احتمالية تحقق الخطر

98- ألفينا أن احتمالية الخطر المؤمن منه عنصراً أساسياً لقيام التأمين، بمعنى أنه يجب أن يكون الخطر محتملاً لا مؤكداً ولا مستحيلاً. وإذا كان هذا هو شأنه فكيف يتم قياسه ؟.
لا جرم أن العلوم الرياضية توفر للمؤمن إمكانية قياس الاحتمالات، ولا سيما فى ظل قانون الكثرة. وذلك عن طريق استخدام علم الإحصاء فى إحصاء عدد مرات وقوع حادثة معينة تخضع فى حدوثها، فى مكان وزمان معينين، إلى الصدفة البحتة. وإن كان هذا القياس تقريبياً إلا أنه أقرب ما يكون إلى الحقيقة. فمثلاً إذا كان من الصعب معرفة تاريخ وفاة شخص مؤمن على حياته، إلا أنه يمكن معرفة نسبة الوفيات بين سكان منطقة محددة خلال فترة زمنية معينة وذلك عن طريق علم الإحصاء ([1]).

عوامل قياس احتمالية تحقق الخطر
99- لا جرم أنه إذا كان احتمالية تحقق الخطر المؤمن منه تخضع للقياس فإن دقة ذلك تتوقف على العوامل التالية :

العامل الأول - اتساع دائرة عملية القياس :
لا جناح أنه لكى نصل إلى دقة فى إمكانية تحقق الخطر المؤمن منه، يجب أن تتسع دائرة إجراء العملية الإحصائية من حيث المكان (أفقياً) بأن تشمل منطقة جغرافية كبيرة، ومن حيث الزمان (رأسياً) بأن تجرى تتابعاً فى فترات زمنية متلاحقة.

العامل الثانى - انتظام تحقق الخطر :
يلزم لدقة قياس الخطر المحتمل، فوق كون دائرة القياس متسعة أفقياً ورأسياً، أن يكون تحقق الخطر أمراً منتظماً بشكل دورى على وجه العموم، أى ألا يكون نادراً. لأن تكرار تحقق الخطر يساعد بدرجة كبيرة فى صحة الدراسة الإحصائية ومطابقتها للواقـع.

العامل الثالث - تجانس الأخطار محل القياس :
يجب، فوق اتساع عملية القياس وانتظام تحقق الخطر، أن توجد حالة من التجانس والتماثل بين درجات الخطر الذى يجرى قياس نسبة تحققه، فمثلاً التأمين ضد الحريق ينصف تأمينياً نوعاً واحداً إلا أن الأشياء التى تتعرض لخطره متعددة، كالمنازل والسيارات والبضائع والحاصلات الزراعية …… الخ.
الفرع الثالث : أنواع الخطر المؤمن منه

100- لا جرم أنه إذا توافرت الشروط – آنفة البيان – فى الخطر أضحى محلاً لعقد التأمين. ومع ذلك فإنه متعدد الأنواع تبعاً للزاوية التى ينظر منها إليه، فمن زاوية الثبات يتنوع الخطر إلى ثابت ومتغير ومن حيث التعيين يكون الخطر معيناً وغير معين.

أولاً – الخطر من حيث الثبات
101- لا جرم انه لا ينظر إلى الخطر المؤمن منه من زاوية القيم المالية للقسط أو مبلغ التأمين. إنما ينظر إليه من ناحية احتمالية تحققه خلال مدة التأمين وفقاً لما تشير إليه الدراسات الإحصائية، فمن هذه الناحية فقد يكون الخطر ثابتاً أو متغيراً.

1- الخطر الثابت
لا جناح أن الخطر يكون ثابتاً متى كانت ظروف تحققه ودرجة احتمال وقوعه ثابتة غير متغيرة خلال مدة التأمين التى تقدر بوحدة زمنية معينة – فى الغالب – مدة سنة.
ولا يغير من نعت هذا الخطر بهذا الوصف كون الثبات نسبياً فقد يطرأ عليه تغيرات وقتية أو عارضة. فكل خطر مهما قيل عن نسبة ثباته إلا أنه قد تتغير درجة احتمال وقوعه من وقت لآخر. ولكى ينعت بوصف الثبات يجب أن يكون ثابتاً خلال فترة غير قصيرة ([2]). فمثلاً التأمين من الأضرار (الحريق أو السرقة أو المسئولية …الخ) يعد - فى الغالب - تأمين من خطر ثابت، فهذه المخاطر وإن كانت يزداد وقوعها خلال بعض فصول السنة، ككثرة الحرائق فى فصل الصيف وحوادث السيارات فى فترة الانتقال من فصل إلى آخر والسرقات فى فصل الشتاء، إلا أن الدراسة الإحصائية تشير إلى عدم التفاوت الكبير بين سنة وأخرى، ولذلك تعد من قبيل المخاطر الثابتة.

2- الخطر المتغير
الخطر يكون متغيراً متى كانت الدراسات الإحصائية تشير إلى أن احتمالية تحققه خلال مدة التعاقد متغيرة تصاعدياً أو تنازلياً. فمثلاً التأمين على الأشخاص وبصفة خاصة التأمين على الحياة لحال الوفاة، وإن كانت كل نفس – صغيرة كانت أو كبيرة - ذائقة الموت متى انتهى أجلها ([3])، إلا أن الدراسات الإحصائية تشير إلى نسبة تحققه فى الأعمار المتأخر أكبر من الأعمار المبكرة. ومن ثم فإن تحقق خطر الموت يعد من قبيل الخطر المتغير تغيراً تصـاعدياً.
أما الخطر المتغير تغيراً تنازلياً فهو التأمين على الحياة لحال البقاء، وهو أن يؤمن الشخص على حياته إن بقى حياً بعد سن معينة ولو تكن الستين عاماً، فمثلاً، فإذا عاش هذا الشخص بعد هذا السن استحق مبلغ التأمين ([4]).

- أهمية تقسيم الخطر من حيث الثبات
102- لا غرو أن يكون التمييز بين الخطر الثابت والخطر المتغير أهمية بالنسبة لتحديد مقدار قسط التأمين الذى يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن فى مقابل تحمله تبعة تغطية الخطر المؤمن منه. فثبات الخطر يترتب عليه ثبات مقدار هذا القسط. والمفروض أن تغير الخطر يؤدى إلى تغير هذا المقدار، إلا أن المؤمن، نظراً للتنافسية فى سوق التأمين والرغبة فى زيادة عدد المؤمن لهم لديه، يجعل مقدار القسط بالنسبة للخطر المتغير ثابتاً كذلك، على أن يحتفظ باحتياطيات مالية لمواجهة الأخطار المتغيرة.

ثانياً – الخطر من حيث التعيين
103- لا جرم أن تقسيم الخطر من زاوية التعيين لا يتعلق بالقيم المالية كمقدار القسط أو مبلغ التأمين، بل يتعلق بالمحل الذى يهدده الخطر فقد يكون معيناً وقد غير متعين.

1- الخطر المعين :
نعلم أن الخطر المؤمن منه هو أمر محتمل يلحق بالشخص أو بالشىء المؤمن عليه إذا تحقق. والخطر يكون معيناً متى كان المحل المؤمن عليه – شخصاً كان أو شيئاً ـ معيناً فى وقت إبرام عقد التأمين. فالشخص الذى يؤمن على حياته أو حياة غيره أو الذى يؤمن على منزله من الحريق أو بضاعته من التلف، فالخطر فى هذه الحالات وأمثالها يعد خطراً معيناً لأن الشخص المؤمن على حياته والمنزل المؤمن ضد حريقه والبضاعة المؤمن ضد تلفها معلومة ومحددة فى وقت التأمين عليها.

2- الخطر غير المعين :
يكون الخطر غير معينٍ متى كان المحل المؤمن عليه غير معين فى وقت التعاقد على التأمين، بمعنى أن تعين هذا المحل يكون فى وقت تحقق الخطر. فمثلاً التأمين من المسئولية عن حوادث السيارات فهو تأمين على خطر غير معين، حيث أن التأمين ليس ضد حادث معين بالذات وإنما ضدى أى حادث وعليه فإن الخطر لا يتحدد إلا عند تحققه.

- أهمية تقسيم الخطر من حيث التعيين
104- لا ريب فى أن للتمييز بين الخطر المعين والخطر غير المعين أهمية تظهر عند تحديد مقدار مبلغ التأمين الذى يلتزم المؤمن أداءه عند تحقق الخطر. فالخطر المعين يحقق للمؤمن العلم بحجم هذا الالتزام فى وقت التأمين، ففى التأمين على الأشياء، يكون الشئ المؤمن عليه معيناً فى وقت التعاقد – كمنزل أو سيارة أو بضاعة …الخ – ومقدار مبلغ التأمين يتحدد بقيمة الشئ المؤمن عليه أو بأقل منه متى تم الاتفاق على حد أقصى لضمان المؤمن. وفى التأمين على الأشخاص يجوز تحديد المبلغ الذى يلتزم المؤمن بأدائه عند تحقق الخطر المؤمن منه.
أما فى الخطر غير المعين فالوضعية تختلف، إذ لا يمكن الوقوف على حجم التزام المؤمن فى وقت التعاقد. ولذلك يصح أن يكون مقدار مبلغ التأمين غير محدد فى هذا الوقت على أن يكون محدداً فى وقت الوفاء به. فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له تعويضاً كاملاً عن مسئوليته عن كل حادث يقع خلال فترة التأمين، ما لم يكن الأطراف قد اتفقوا على حد أقصى لالتزام المؤمن ([5]).
الفرع الثالث : تحديد الخطر المؤمن منه

105- عرفنا – آنفاً – أن الخطر المؤمن منه هو المعقود عليه (المحل) فى عقد التأمين، ولذلك يجب أن يكون محدداً تحديداً نافياً للجهالة. وقد يتفق الطرفان فى عقد التأمين على خطر معين ومع ذلك يستبعدا بعض عناصره من نطاق ضمان المؤمن، فيجب أن يكون هذا الاستبعاد وضحاً ومحدداً حتى يعلم المؤمن له متى يكون له الحق فى مطالبة المؤمن بمبلغ التأمين ومتى لا يكون له ذلك.
ونعلم – أيضاً – أن عقد التأمين من عقود الإذعان التى يجب على الطرف المذعن (المؤمن له ) قبولها بالكلية أو رفضها بالكلية فليس له الحرية فى مناقشة شروطها، وحماية للمؤمن له (المذعَن) من الشروط المجحفة به أبطل المشرع بعض الشروط وجعل حكم بطلانها متعلق بالنظام العام، أى لا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها وإذا تم ذلك وقع باطلاً.
ونتناول فيما هو آتٍ من نقاط بيان كيفية تحديد الخطر المؤمن منه، واستثناء بعض عناصر الخطر من نطاق ضمان المؤمن، وأخيراً الشروط التى أبطلها المشرع لمخالفتها للنظام العام.

أولاً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fadaok.ahlamontada.com
 
أركان عقد التأمين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» انقضاء عقد التأمين
» التأمين على الأشخاص
» آثار عقد التأمين
» خصائص عقد التأمين
» مدى مشروعية التأمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاؤك :: قانون الاثبات و التنفيذ :: قانون التامين و الحريات العامة-
انتقل الى: