نشأة وأهمية تاريخ النظم
تاريخ النظم
السداسي الأول نشأة وأهمية تاريخ النظم :
تعريف القانون :
هو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم سلوك الفرد داخل الجماعة ويترتب عن مخالفتها الجزاء .
فالإنسان مدني بطبيعته لا يستطيع أن يحصل على حاجياته إلا بالتعاون مع غيره ، فكان لا بد من وجود قوانين لتنظيم العلاقات .لذلك نشأت القوانين وتطورت بتطور المجتمعات فالقوانين الحالية هي تطور للقوانين القديمة . ولابد من الرجوع للقوانين القديمة لمعرفة القوانين الجديدة . والمشرع يحتاج لدراسة النظم لفهم نشأة القوانين لأن القانون يتكون من أجزاء ثابتة وأخرى متغيرة بتغير العصور والمجتمعات .
فالدراسة التاريخية بالنسبة للمشرع كالمخبر بالنسبة لعالم الطبيعة . والدراسات القانونية تتكون من ثلاث أنواع : القوانين الحاضرة والمعاصرة القانون الوضعي والقوانين الماضية تاريخ النظم القانونية ، وما ينبغي أن يكون عليه القانون في المستقبل " نظرية التشريع ".
مراحل نشأة وتطور القانون :
يرى بعض الباحثين أن نشأة القانون وتطوره مر بأربعة مراحل هي :
المرحلة الأولى : مرحلة القوة والانتقام الفردي عاش الانسان الأول في جماعات صغيرة متضامنة ومنفصلة عن غيرها من الجماعات الأخرى وحتى تدافع عن نفسها كانت القوة هي التي تنشئ الحق وتحميه ووتقوم العلاقة بين هذه الجماعات على التبعية والخضوع لرئيس القبيلة ذو السلطة المطلقة كان الفرد المعتدي يوقع عليه العقاب أو اسرته ثم أصبح توافقيا أي باتفاق الجماعة .
ومن صور العقاب طرد الجاني من الجماعة أو القصاص أو تسليمه لأهل المجني عليه ، وبتطور المجتمعات لجأ رؤساء الجماعات إلى الكهان ورجال الدين لحل المنازعات فازدادت قوتهم حكما وإلزاما وبذلك حلت العقوبة بالتحكيم محل الانتقام الفردي .
المرحلة الثانية : مرحلة التقاليد الدينية : عبد الإنسان آلهات مختلفة كالظواهر الطبيعية وكان يخشى غضبها وكان الكاهن يتولى القيام بالشعائر الدينية وبالتالي أصبحت معظم الأحكام تنسب للآلهة مما أكسبها قوة الإلزام.
المرحلة الثالثة : مرحلة التقاليد العرفية : بقيت التقاليد الدينية سائدة زمنا طويلا وبفضل تطور المجتمعات حل محلها الأعراف والتقاليد وبذلك نشأ الحكم الديمقراطي حكم الأغلبية فأصبحت الأحكام تصدر بإسم الشعب.
المرحلة الرابعة : مرحلة تدوين القانون : بعد اكتشاف الكتابة دونت المجتمعات قوانينها فانتشرت وتطورت بسرعة .
النظم القانونية في بلاد الرافدين :
تعد التقنينات التي وجدت بالمدن العراقية أقدم ما وصل إلينا من القوانين المدونة ومن أهمها :
1- تقنين أرنامو : وهو ملك من ملوك العراق 2111 ق م وهو أقدم تقنين عرفه الإنسان ويشمل على مقدمة وواحد وثلاثين 31 مادة حيث تناولت المقدمة الإصلاحات الداخلية وأعمال الملك أما المواد فعالجت مواضيع قانونية مثل الخطبة والزواج والطلاق وبعض الجرائم ...ويلاحظ أن هذا التقنين ينص على أن عقوبة الاعتداء على الاجسام هي دائما دية عكس قانون حمورابي الذي أخذ بمبدأ القصاص وهو مسجل بلوحة غير كاملة في متحف بأسطمبول .
2- تقنين البت عشتر : أصدره الملك البت عشتر 1924 ق م ويشمل على مقدمة و39 مادة .أما المقدمة مجدت الآلهة وأن التشريع هدفه الخير والرفاهية وإنصاف أهل البلاد من الظلم الذي وقع في السابق . والمواد مضمونها متعدد منها إيجار الأراضي نظام الملكية المواريث الزواج إيجار الحيوانات وهو مدون بمتحف في الولايات المتحدة الأمريكية .
3- تقنين أشنونا : أصدره ملك طدينة أشتنونا وهي إحدى مدن العراق القديمة تاريخه غير معروف ويعتقد أنه سبق قانون حمو رابي بنصف قرن أي حوالي 1750 ق م وهو يحتوي على مقدمة ناقصة لا تحتوي على تمجيد الآلهة ولا الأعمال الداخلية أو الخارجية والمواد عالجت الكثير من المواضيع أهمها الزراعة القروض الودائع الجرائم وهي أقدم وثيقة تاريخية قسمت المجتمع إلى ثلاث طبقات الأحرار المساكين والعبيد.
4- قانون حمو رابي : وهو أشهر ملوك بابل وتظهر أهميته في كثرة النصوص القانونية ومن أهم التقنينات القديمة التي وصلتنا كاملة .وهو يعكس التقنينات السابقة إضافة إلى تأثر شعوب المنطقة به لمئات السنين واستطاع حمو رابي من توحيد البلاد بعدما كانت مجزأة .وأصدر هذا القانون بعد 30 سنة من حكمه 1694 ق م . وسجل على حجر كبير ارتفاعه 2متر وربع ونحت بأعلاه إلاله "شماس " وحمو رابي واقفا أمامه بخشوع يتلقى تعاليمه . وهذه اللوحة محفوظة في اللومر بباريس . وقد احتوى على مقدمة و282 مادة وخاتمة ، والمقدمة تشبه المقدمات السابقة وذكر فيها أنه أصدر القانون وفقا لإرادة الإله مردوك إله مدينة بابل كما أحصى أعماله بالمدن الأخرى وبين أهدافه منها وهو نشر العدل وإحقاق الحق والقضاء على الفساد في كل البلاد ، أما الخاتمة فذكر فيها حمو رابي صفاته وفضائله وتعدد أعماله وسينزل اللعنة على من يخرج عن أحكام شريعته أو يحاول تخريبها .أما المواد فقد قسمه بعض الباحثين إلى 13 قسم هي :
• من 1-5 نظام التقاضي والشهود .
• من 6-25 جرائم السرقة والنهب .
• 16-41 شؤون الجيش والجندية .
• من 42-80 شؤون الحقل البساتين والبيت .
• من 81 – 107 القرض الفائدة والتعامل مع التجار.
• 108-111 يتعلق بالخمور
• 112-126 يتعلق بالأمانات والديون .
• 127-194 تتعلق بالأحوال الشخصية الزواج والطلاق .
• 195-214 القصاص والدية .
• 215-227 مسؤولية الطبيب البشريو والبيطرية .
• 228-240 يتعلق بتحديد الأسعار وأجور بناء البيوت والقوارب وعقوبات الإخلال بها .
• 241-277 أجور الحيوانات والأشخاص .
• 278-282 يتعلق بالعبيد وعلاقاتهم بأسيادهم .
خصائص قانون حمو رابي :
• تشريع علماني بحت : الرأي السائد أن قانونه ليس تشريعا دينيا لخلوه من الأحكام الدينية كالعبادات وتقديم القرابين ولا يجمع بين الجزاءين الدنيوي والآخروي .
• مستمد من التقنينات السابقة : يبدوا أن تقنينه تجميع منقح لمواد تشريعية سابقة ومن مظاهر هذا التأثر تقسيم القانون إلى مقدمة مضمون وخاتمة ، ومضمون المواد يبدأ بعبارات إذا واحتوائه على نفس المصطلحات التي سبقته مثل المهر تحرير العقد واستعمال فعل أخذ مثل الرجل يأخذ المرأة كزوجة .
• ساهم في توحيد البلاد سياسيا وقانونيا .
• المنهج الافتراضي : صيغت أحكامه على حالات فردية حقيقية أو مفترضة عكس بوضوح حالة المجتمع البابلي وصول المجتمع إلى درجة المدينة وأصبحت السلطة والأحكام هي التي تتولى متابعة الجناي ومعاقبته وعرفت النقود وتخطى بها نظام المقايضة .
• وكان حمو رابي مصلحا اجتماعيا فاهتم بالأسرة وأعطى المرأة قانونيا كاملة ومنع تعدد الزوجات إلا للضرورة وحق الطلاق .
• امتاز القانون بالتبويب العملي وأسلوب الايجاز فتقد عن التشريعات التي سبقته أو جاءت بعده.
النظم القانونية ببلاد الرافدين :
نظام الحكم : كان الحكم موزعا بين الملك والكهان والأسياد .
والسلطة الحقيقية بيد إله المدجينة .
والملك حاكم المدينة هدفه نشر العدل وحماية الضعفاء وسلطته مقيدة من طرف الأسياد والكهان ، حيث كان للأسياد سلطات واسعة في القضاء والإدارات ، والكهان يعينون الملك بعد حصوله على شرعية الإله وبإمكانه إسقاطه ولو أثناء حكمه وكان للكهان سلطة إدارية كبيرة في إدارة الأملاك والمعابد ، ويساعد الملك عدد من الموظفين يرسمهم الوزير الأول وعلى المستوى المحلي يرسمهم حكام الإقليم مهمتهم تطبيق تعاليم الملك وجمع الضرائب وكان يحقق في قضايا الشعب مفتشون .
النظام القضائي :
في البداية كان للكهان سلطة كبيرة قلل منها حمو رابي وأصبح القضاء مدنيا وللقضاء أربع انواع :
1- الوالي : يحكم في المسؤولين المتعلقين بالنظام العام .
2- حاكم المدينة : مسؤول عن الإجرام بالمدين واللصوص .
3- المجالس القضائية : تابع للملك يرسمها الوالي أو حاكم المدينة .
4- قضاة المقاطعة : يشكلون المحاكم في المدن الهامة ولهم صلاحيات قضائية وإدارية يساعدهم جند القضاء وكاتب الأحكام وتصدر أحكامهم علنيىة بحضور الشهود . ويحتفظ الملك في بعض الحالات الاستئناف في حالة تجاوز السلطة القضائية لسلطتها أو تمتنع عن إصدار الحكم .
نظام الأسرة :
شروط الزواج : يجب أن يكون على وثيقة مكتوبة موقع عليها من طرف العاقد والشهود وتعد كتابة العقد من شروط صحة الزواج كما تدون عليها مدفوعات التراضي بين الزوج وأب الزوجة والمدفوعات أربع أنواع : التزامات مالية يدفعها الزوج أو أسرته مهرا أو الزوجة أو أسرتها .
-المدفوع الأول ويسمى تيرهاتو وهو الصداق وهو هبة مالية بسيطة يدفعها الزوج ولا تتصرف فيها الزوجة إلا بعد الإنجاب .
- المدفوع الثاني ويسمى ليبلو وهو ما يدفعه الخاطب لخطيبته قبل الزواج وإذا لم يقع الزواج بسبب الخاطب فلا ترجعه له ، وإن كان بسبب الخطيبة فترجع ضعفه .
- المدفوع الثالث : الشرقتو وهي أموال تتلقاها المرأة من والدها لمواجهة الحياة الزوجية ولا تتصرف فيها الزوجة إلا بعد وفاة الزوج وإذا ماتت الزوجة تعود لأولادها .
- المدفوع الرابع : نودونو المتعة وهي هبة مالية مالية يقدمها الزوج لزوجته لتأمين حياتها بعد وفاته وتأمين حياة الأولاد وهي ليست من شروط الزواج وتتم بواسطة عقد مكتوب .
إنحلال الزواج :
ينحل الزواج ببلاد الرافدين لأسباب ثلاثة هي :
1- وفاة أحد الزوجين بعد وفاة الزوج على المرأة أن تعتد قبل الزواج لا بد لها من إذن من المحكمة إن كان لها أولاد .
2- غياب الزوج ليس سببا كافيا إلا إذا كان بإرادته .
3- الطلاق : يتم من خلال تسلم الزوجة رسالة الطلاق مختومة من طرف الزوج وحالات الطلاق الزوجة العاقر الزوجة الخائنة الزوجة المهملة لبيتها ويمنع القانون تطليق الزوجة المرأة المريضة ليتزوج بأخرى ويمكن للمرأة طلب الطلاق إذا أساء الزوج معاملتها ولا يحق للزوجة ترك زوجته دون سبب جاد وإلا عوقبت بالموت . وأنوع الطلاق عند حمو رابي هما نوعان من الطلاق المؤقت إذا الزوج أسير يحق للمرأة ان تتزوج وإذا عاد تعود لزوجها الأول إذا لم يترك لها قوتها وإذا ترك لها قوتها وتزوجت عوقبت بالموت . أم الطلاق الدائم ويكون إذا ترك الزوج زوجته كراهة .
نظام الإرث : نظام حمورابي يعود الإرث للذكور فقط وحق الإناث غير ثابت ويشترط في الأولاد أن يكونوا شرعيين أما أبناء الأمة فلا يرثون مع أبناء الزوجة الشرعية إذا كان تبناهم والدهم وإذا لم يوجد الأبناء تنتق التركة إلى الإخوة
نظام التبني : ويشترط فيه رضا الطفل أو من له سلطة عليه ويتم التبني بكتابة عقد التبني فيصبح الطفل شرعي للمتبني وله نفس حقوق الأطفال الشرعيين ولا يمكنم استرداد الطفل بعد تبنيه ويمكن للقانون استرداده إذا أساء المتبني معاملته .
نظام الجرائم والعقوبات :
اتسمت قوانين حمو رابي القديمة بعدم المساواة في تنفيذ العقوبات حيث تراعي الأوضاع الاجتماعية وعموما اتسمت بالصرامة والقسوة وقد وجدت ثلاث أنواع من الجرائم .
1- جرائم ضد الأشخاص : ميز قانون حمو رابي بين الجرائم المقصودة وغير المقصودة .
المقصودة عقوبتها القصاص غير المقصودة وعقوبتها الدية .
2- ئم ضد الأموال : حدد قانون حمو رابي عقوبة الإعدام لجرائم السرقة قطع الطريق تطفيف الكيل والميزان وهي عقوبات قاسية مراعاة للتطور الاقتصادي للمجتمع البابلي .
1- السبب في الجريمة : لم يميز بين المسؤولية المدنية أو الجنائية وأمثلة ذ1لك إذا تسبب طبيب في موت أو قطع أحد أعضاء المريض تقطع يده ويقتل البناء إذا سقط البناء على صاحبه وقتله . وإذا قتل إبن أو بنت صاحب البيت تقتل ابن أو بنت البناء . د
النظم القانونية ببلاد مصر الفرعونية :
تعتبر حضارة مصر القديمة وبلاد بابل من أقدم الحضارات وقد تعاقب على حكم مصر من القرن 32 ق م إلى أن انتقلت إلى حكم الأشوريين سنة 671 ق م حوالي 30 أسرة تضع عدد من الملوك وامتاز عهدهم بالتطور الإداري والقضائي .
عهد الدولة القديمة من 3000 إلى 2255 ق م : وتميز الحكم فيها بالحكم المطلق باعتبار الألوهية فرعون وأنه المالك الوحيد للأرض التي ورثها عن أجداده فكانت له سلطة مطلقة في المجال القضائي والقانوني الاداري والسياسي مما أدى إلى ظهور طبقة متميزة من رجال الدين والأشراف وتمتعت بامتيازات مالية ودينية كبيرة وحملت ألقابا شرفية فتحول المجتمع إلى مجتمع طبقي إقطاعي استبدادي مما سبب ثورات أدت إلى ظهور الدولة الوسطى .
عهد الدولة الوسطى ما بين حوالي 2100 إلى 1650ق م تعاقبت عنها من الأسرة 11 إلى الأسرة 17 تحول الفراعنة إلى عبادة الإله أمون بعد أن كانوا يعبدوا الإله راع فاسترجع الملك سيادته ووصفه الإلهي وسعى للإصلاح وتطبيق العدالة وحطم الحواجز الطبقية فاصبحت متساوية أمام القانون لكن هذه الإصلاحات لم تعمر طويلا حيث عادت الفوضى والإنحلال خلال عهد الاسرة 13 حيث غزتها شعوب أخرى أكثر من قرن إلى أن تحررت لتظهر الدولة الحديثة .
عهد الدولة الحديثة 1555 إلى 1050ق م : وفيها ازدهرت مصر وأصبحت لها جيش مكنها من الدفاع عن نفسها وتوسعها نحو بلدان مجاورة سوريا فلسطين ثم ضعف وتسلط الكهان عليها مما أدى إلى زوال الدولة الحديثة .
وابتداء من الأسرة 21 إلى الأسرة 30 أصبحت مصر تابعة للدول الأجنبية . أما الفترات الأخرى فالغالب أن الفرعون هو صانع القانون بنفسه فلم يكن مقيدا بأي سلطة سياسية اعتبارا للألوهية .
من أشهر القوانين المصرية :
1- قانون بوخوريس : أصدره الملك بوخوريس وهو أحد فراعنة مصر الأسرة 24 من 718-712 ق م جمع فيه النظم والوقانين التي كانت سائدة قبله ومع بعض التعديلات وقد تأثر بتشريعات بابل خاصة قانون حمو رابي ومن أبرز الإصلاحات الشخصية :
- منح المساواة للمرأة مع الرجل .
- للرجل الحق في أن يطلق زوجته وللزوجة الحق في طلب الطلاق من الزوج ويمكن طلب مبلغ من المال عند تطليقها .
- تمتعت المرأة بالشخصية القانونية الكاملة وتساوت مع الرجل في حق الميراث وحق التملك باسمها دون إذن زوجها .
- بقي تعدد الزوجات مباحا إلا إن اشترط خلافه في العقد .
- الغاء الاستعباد بسبب الديون لأن المدين مسؤول عن دينه فإذا عجز عن تسديده استولى ليه الدائن .
- منع حبس المدين ليسهل الاستيلاء على أمواله .
2- قانون حرم حت : أصدره الملك حرم حت وهو آخر ملوك الأسرة 18 وقد وجدت مجموعته ناقصة ونصت على بعض العقوبات منها عقوبة السارق وهي أن يرد مثلين أو ثلاث أمثال المال المسروق والملاحظة أن هذه العقوبات أخذت من العقوبات المطبقة ببلاد الرافدين عكس قانون بوخوريس التي لم تتأثر بقانون بابل .
3- قانون أماريس : وجاء بعد بوخوريس ويعتبره العلماء نسخة طبق الأصل لقانون بوخوريس .
4- التعليمات الملكية : فأحيانا الملك الفرعون يصدر تعليمات لكبار الموظفين يحثهم فيها على الالتزام الصارم والشديد بالقانون وجدت هذه التعليمات العناصر النظرية القانونية كإجراءات التقاضي .
نظام الحكم في مصر القديمة :
الناحية السياسية : الفرعون هو صاحب السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية باعتباره إله يعبد والوارث الوحيد للأرض وكان الكهنة يشرفون على الشعائر الدينية حيث يطوفون بالبلاد لتثبيت هذه الطقوس وتعبيد الناس للفرعون وكانت لهم امتيازات كثيرة .
الناحية الإدارية : امتازت الإدارة في مصر القديمة بالتنظيم والتنسيق وكانت مقسمة إلى إدارة مركزية وأخرى محلية .
1- الإدارة المركزية : هي القصر الملكي وب\يشرف عليها الفرعون بنفسه فكانت تأتيه التقارير والشكاوى اليومية ليدرسها ويتخذ الإجراءات اللازمة يساعده الوزير الأول ومجلس العشرة 10 والمجلس الخاص الاستشاري المتكون من المقربين وأعوان الفرعون ويقوم بتنفيذ هذه الخطة مجموعة من الموظفين مهيكلين على شكل هرم مختارين على أساس الكفاءة ومن بين مهامهم إحصاء السكان الأراضي والحيوانات قصد جمع الضرائب وأحيانا كان الملك يقوم بنفسه بعملية المراقبة .
2- الإدارة المحلية : لشساعة البلاد قسم الملك البلاد إلى 40 مقاطعة على رأس كل منها موظف يعينه الملك أو حاكم القصر وكان موظف المقاطعات يلتزم بالتطبيق الصارم لتعاليم الفرعون . ووجد على مستوى القرى مجالس للحرفيين والكهان يترأسهم أحدهم لكن ليس لهم أي سلطة .
الناحية القضائية : كان الفرعون هو القاضي الأول كما وجدة محاكم عدة تتولى الفصل في المسائل وكان القضاة هم موظفو الفرعون يصدرون الأحكام باسمه وقد وجد نوعين من القضاء :
1- القضاء العام : يتولى الفصل في المسائل الناشئة بين الأفراد وهو على درجتين :
• الدرجة الأولى وهو محاكم المحافظات والإقليم .
• الدرجة الثانية على مستوى السلطة المركزية أو العليا المحكمة الاستثنائية بحيث كان بإمكان المتقاضي إذا لم يقتنع بالحكم الصادر من الدرجة الأولى أن يستأنف الحكم .
2- القضاء الخاص : محكمة الأشراف والنبلاء إذا كان أحد الخصوم غير عادي كالإداري أو من الأشراف يتولاها الفرعون بنفسه أو من ينوب عنه .
الناحية الاجتماعية : إنقسم المجتمع في مصر القديمة إلة طبقتين هما :
1- الطبقة العليا : الحاكمة وعلى رأسها الفرعون والأشراف والنبلاء الذين يختار منهم الفرعون الوزراء والكهان والموظفين ليساعدوه في الحكم وكانت لهم امتيازات مالية ودينية وحملهم الألقاب السياسية ولا يخضعون للقضاء العام العادي ومنهم كذلك الجنود أكثرهم هم المرتزقة الذين منحت لهم نصيب من الأراضي لزراعتها والعيش منها .
2- الطبقة الدنيا : وهي عامة الناس أغلبهم من الفلاحين يعملون تحت رقابة الموظفين والفلاحون مرتبطون بالأرض فإذا بيعت بيعوا معها كوسائل للإنتاج ومنها كانت طبقة العبيد وهم غالبا ما يكونوا عبيدا بسبب الحروب أو تكون أمة أمة .
نظام الأسرة :
الزواج :كان الزواج المعروف عنهم هو الزواج الفردي ثم أبيح تعدد الزوجات مع احتفاظ الزوجة الأولى بامتيازات .
وكان عند بعض ملوكهم الزواج الإلهي حيث يتزوجون بأخواتهم وأحيانا بناتهم حفاظا على الدم الملكي .
وكان الزواج يتم بعقد مدني وديني وفي عهد بوخوريس أصبح العقد مدنيا فقط ولا بد من توثيق العقد وإلا ضاعت حقوق الأولاد . ويحتوي العقد على الشروط المتفق عليها فيحق للزوجة تحديد المهر والنفقة الشهرية أو السنوية ويمكنها إشتراط عدم التعدد أو عد م الطلاق .
انحلال الزواج :
كان الطلاق نادرا بسبب التبعات المالية المترتبة ومن أساليبه جريمة الزنا عدم الإنجاب تطليق الزوجة لزوجها إذا كانت ثرية وتعيش في بيتها وله الحق في استرداد نص الصداق إذا لم يكن مخطئا .والملاحظ أن المرأة تمتعت بالأهلية القانونية الكاملة من نعاهد وتعاقد طلاق فهي افضل من غيرها في المجتمع البابلي .
الميراث :
اختلف الميراث باختلاف المراحل التاريخية في البداية كان الميراث يعود للأولاد الشرعيين وإن لم يوجد انتقل للزوجة . ثم في مرحلة أخرى امتد إلى الإخوة والأخوات إضافة إلى الزوجة ثم أصبحت التركة تنتقل لأكبر الأولاد الذي يدير هذه التركة لصالح إخوته .
أما بوخوريس فقد سوى بين الذكور والإناث في الميراث ومنح للأولاد غير الشرعيين بعد التبني وإن وجد الأولاد الشرعيين فلهم حق النفقة.
النظم القانونية في الحضارات الغربية :
الحضارة اليونانية :
باعتبارها أقدم الحضارات الغربية وظهرت بها القوانين بعد ظهورها بالشرق وقد ظهر بها العديد من المصلحين من الطبقة الارستقراطية أمثال دراكون وصولون .
1- قانون دراكون : وهو أحد حكام أثينا سنة 621 ق م وهو من الأشراف ولم تصل إلينا نصوصه كاملة وجاء ذكره في كتب وأدب اليونان تأثرت قوانينه بالقواعد الدينية اتصفت بالشدة في تطبيق العقوبات حتى الجرائم التافهة وجاء تدوين هذه القوانين والأعتراف بها لمنع احتكار الأشراف لها وحتى تطبق على الجميع تحقيقا لمبدأ المساواة .
عمل دراكون على تقوية سلطة الدولة بمنع الانتقام الفردي وجعل توقيع العقاب من حق الدولة .
ورغم ذلك كان قانونه منحازا للأشراف ونزع الملكية على الفلاحين وامتاز بالقسوة وبذلك لم يستطع هذا القانون أن يعمر طويلا .
2- قانون صولون : وهو من حكام أثينا سنة 594 ق م التي جاء بها قانون دراكون وشملت إصلاحاته الأعمال التالية
• اجتماعيا : ألغى الديون القديمة منع التنفيذ على جسم المدين بسبب عجزه عن الوفاء اغلى امتيازات الإبن الأكبر في الميراث وحدد سعر الفائدة وحق السلطة الأبوية فحرم بيع الأبناء وقتلهم وساوى بين الأبناء في الميراث وفي حالة الإنعدام تذهب للأقرب من جهة الأب الذكورويلتزم في هذه الحالة الوارث بالزواج من بيت المتوفي حث الشعب على العمل تجريم التسول الزامية تربية الأباء للأبناء .
• اقتصاديا : حماية الزراعة وإلغاء القيود التي كانت تمنع من بيع الأراضي فسمح للطبقات المحرومة من الفلاحين من امتلاك الأراضي فتحسنت حالتهم شجع الصناع والتجار فنظم الموازين والمقاييس وأصلح النظام النقدي مما أدى إلى تحسين المستوى المعيشي لهذه الطبقات .
• سياسيا : العفو التام على الجرائم السياسية ساوى بين طبقات المجتمع إصلاح الدستور لمنع احتكار الأشراف للسلطة مما مكن الطبقة العامة من المشاركة في السلطة على أساس مادي محل المال محل النسب مما جعل الطبقات الوسطى تتمكن من الوصول إلى السلطة لذلك يعتبر صولون أبو الديمقراطية .
النظم الرومانية :
ويقصد بها مجموعة القواعد والنظم التي كانت سائدة في المجتمع الروماني منذ نشأة مدينة روما حوالي 734 ق م ، وتكمن أهميته في كونه مصدرا لمعظم القوانين الحديثة كالقانون الفرنسي الانجليزي الجرماني وتأثرت به القوانين العربية ويعود الفضل لروما في اعتبار القانون علما قائما بذاته بعدما كان ممزوجا بقواعد الدين والأخلاق والفلسفة ووضعوا له تقسيمات وجعلوه على شكل قواعد عامة ..لذلك قيل أن روما فتحت العالم ثلاث مرات الأولى بجيشها والثانية بدينها والثالثة بقانونها .وقد قسم العلماء القانون الروماني إلى أربع مراحل هي :
العصر الملكي : ويبدأ من نشأة روما 574 ق م إلى قيام النظام الجمهوري وقد كان الشعب الروماني يتكون من شعوب وعشائر مختلفة وكانت العشيرة تضم النزلاء وهم من الأعداء المهزومين أو الأجانب أو العبيد ينضمون العشيرة طلبا للحماية تأسست روما نتيجة اتحاد العشائر ويتكون نظامها السياسي من :
الملك : يتولى السلطة مدى الحياة ليس وراثيا بل اختيار من سلفه سلطة غير محدودة دينيا ومدنيا يترأس الجيش ويدعو مجلس الشيوخ ومجلس الشعب للإنعقاد ويتولى الجهاز القضائي .
مجلس الشيوخ : يتكون من رؤساء العشائر يستشيره الملك في الأمور الهامة دون الالزام يصادق على أحكام مجلس الشعب .
مجلس الشعب : يتكون من السكان القادرين على حمل السلاح من غير النزلاء وله الحق في الموافقة أو الرفض على ذلك إذا ما أريد تغيير المدينة أو توسيعها .
العصر القانوني القديم : ويبدأ بصدور قانون إيبوتيا وينتهي سنة 284 ق م . انهارت الملكية نتيجة ثورة المزارعين الرومانيين وما ميز هذا العصر هو التوسع الكبير حيث بسطت روما سيطرتها على جل جنوب أوربا وشمال إفريقيا مما أحدث تغير في مجالات عديدة منها :
سياسيا : حل الحكام بدل الملوك وازدادت سلطات مجلس الشيوخ .
الحكام : حل محل الملك حاكمان ينتخبهما مجلس الشيوخ وهما القنصلان لإدارة الجمهورية وقيادة الجيش وبتوسع الدولة زاد عدد حكامها .
مجلس الشيوخ : أصبح له اليد العليا في إدارة البلاد وأصبح للعامة الحف دخوله ينظر في السياسة الخارجية وميزانية الدولة ويعطي رأيه في مشاريع القوانين التي يصادق عليها مجلس الشعب .
مجلس الشعب : منذ سنة 441 ق م أصبح العامة لهم الحق في دخول مجلس الشعب
اجتماعيا : تكون المجتمع الروماني من طبقتين الأشراف والطبقة العامة .
الأشراف : لهم الحق وحدهم في تولي المناصب على مشاريع القوانين وكانت كل الأراضي حكر لهم وتميز هذا المجتمع بالصراع بين الطبقتين نتيجة مطالبة الطبقة العامة بالمساواة مع الأشراف مما سبب الثورات :
سنة 494 ق م اعتصمت العامة بتل خارج المدينة مهددين الأشراف بالخروج من المدينة وتكوين مدينة خاصة بهم فقبل الأشراف أن يكون للعامة حاكما للعامة .
سنة 471 ق م صدر قانون بيبليا الذي أنشأ مجلسا للعامة .
سنة 462 ق م قدم العامة طلب لتشكيل لجنو لوضع قانون على أساس المساواة مع الأشراف فوضع قانون الألواح الإثنا عشر .
سنة 442 ق م صدر قانون كانوليا الذي أباح الزواج بين الأشراف والعامة .
سنة 367 ق م صدر قانون ليسينا الذي أنشأ وظيفتي البيرتقور المدني وقاضي الأسواق وللعامة حق تولي هذين المنصبين .
سنة 300 ق م أباح القانون للعامة تولي المناصب الدينية العليا وبذلك تحققت المساواة بين الأشراف والعامة .
قانون الألواح الإثنا عشر : ظهرت هذه الألواح إثر ثورات الطبقة العامة على الأشراف مطالبين بالمساواة منذ سنة 462 ق م طالب العامة بتشكيل لجنة لوضع المجموعة القانونية وعارض ذلك مجلس الشيوخ في 451 ق م أرسلت بعثة إلى اليونان لدراسة قانون صولون وبعد عودتها تشكلت لجنة من عشرة أفراد من أشراف دونت القانون على لوحة لكن مجلس الشيوخ رأى بأنها غير كاملة فشكلة لجنة أخرى وأضافت اللوحتان 11-12 سنة 449 ق م ونشرت في ساحة المدينة –روما- ولم تصل إلينا هذه اللوحة بالنصوص الأصلية وإنما وصلت في كتب التاريخ واللغة والآداب مما مكن الفقها من معرفة الأحكام معرفة دقيقة .
مضمون قانون الألواح ومميزاته :
1/ الألواح 1-2-3 التقاضي . 2/الألواح 4-5 الزواج الطلاق الميراث الوصية . 3/ الألواح 6-7 الملكية العقارية حق ونقل الملكية . 4/الألواح 8-9-10 نظام الإجرام والعقوبات .5/ الألواح 11-12 بعض الحقوق الفردية .
من الملاحظ أنها لم تتناول السلطة الأبوية عكس قانون صولون ولم تتضمن جزء الدين لأن المجتمع متكون من شعوب وديانات مختلفة .
أهم الأحكام الواردة في القانون 12 :
نظام القضاء : تضمن مجموعة من التشكيلات يترتب عن مخالفتها ضياع الحق ومن أنواع الدعاوى:
دعاوى القسم : للدفاع عن الحق ، وحمل الخصم على الاعتراف وذلك بقسم يمين الدين ثم عوض برهان يدفعه الخاسر للدعوى إلى خزينة الدولة .
دعوى تعيين طلب قاضي : في حالات تقسيم التركات يلجأ المدعي للحاكم لتعيين حكما للفصل في حدود الحق المتنازع عليه ولا تتضمن رفض .
دعوى إلغاء اليد : وهي دعوى تنفيذية تقع المدين الذي يحكم عليه بمبلغ مالي أو يعترف بدينه أمام الحاكم فالدائن يحق له بعد ثلاثين يوما أن يقبض على المدين ويذهب به إلى البيرتور الحاكم فيلحقه به وله الحق في حبسه في بيته أو بيعه كالعبيد أو قتله أو يحتفظ للانتفاع بعمله .
دعوى أخذ رهينة : وهو حق الدائن في الاستيلاء على مال من أموال المدين كرهينة حتى يفي بالدين ولا يحق للدائن أن يبيع اموال المدين .
نظام الأسرة : الأب هو رب الأسرة والمالك لأموالها وتخضع لسلطته الزوجة والأولاد والعبيد على حد السواء وبعد وفاته تجب الوصية للقاصرين والنساء وكذلك المجانين والسفهاء .
تنقسم الأموال إلى نفسية وغير نفسية : الأموال النفسية : وتشمل الأرض ووسائل استغلالها ويتم نقلها غما بحضور الاشهاد الطرفان والشيء المراد نقله وخمس شهود رومان بالغين وحامل الميزان الذي يزن النحاس أو الدعوى الصورية الرسمية وتنقل فيها الملكية بحضور الطرفين أمام الحاكم .
الأموال غير النفسية: تسلم بمجرد التسليم .نظام الجرائم والعقوبات : ميزت القوانين الرومانية بين الجرائم الخاصة والجرائم العامة . الجرائم : تقع على الشخص وماله مثل جريمة القتل القصاص وإذا لم يقتل الدية قتل السارق إذا ضبط متلبسا ووقعت السرقة ليلا أو بسلاح وفي غير هذه الحالات يمكن للمجني عليه المطالبة بإلحاق السارق إلية وفي حالات أخرى يمكن طلب ضعف ثمن المسروقات .
الجرائم العامة : وتتولى الدولة توقيع العقاب عليها كجريمة الخيانة العظمى والاعتداء على الديانات الهروب من الحرب وقتل الإنسان الحر .
منقول للامانة